أشعر أحياناً بأنني ملعون بسبب شيء حدث حتي قبل مولدي، شيء لا دخل لي فيه ولم أكن حتي قد وُلدت عندما حدث، إذاً لما علي أن أتحمل تبعاته؟!، كل ما كنت أريده أن أعزف علي جيتاري ويسمع العالم موسيقاي، ولكن الذين كانوا من المفترض أن يدعموني هم الذين وقفوا أمام حلمي وحطموا جيتاري أمام مرأى عيني، أليس من المفترض أن تدعم العائلة المرء؟!
فيلم Coco من كتابة ادريان مولينا وماثيو الدريش، وإخراج لي انكريش، وتدور أحداثه حول “ميغيل” فتي شغوف بالموسيقي ويرغب في أن يصير عازف مشهور مثل مثله الأعلي “دي لا كروز”، ولكن هذه المهنة محرمة من قبل عائلته بسبب ترك جد جده العائلة من أجل السعي وراء حلمه الموسيقي، فقامت زوجته بالاعتماد علي نفسها وصنع الأحذية، لتصبح بعد ذلك مهنة العائلة تتناقلها الأفراد جيل بعد جيل، وفي يوم الموتي يقوم “ميغيل” بسرقة جيتار “دي لا كروز” من أجل الإشتراك في مسابقة الموسيقي، إلا أنه ينتهي به الحال في أرض الموتي والطريقة الوحيدة لإبطال اللعنة هي الحصول علي مباركة فرد من عائلته.
أفلام ديزني مخصصة للصغار، ولا أعني بقولي هذا بأنها طفولية بل هي مناسبة للجميع حتي اننا نحرص علي متابعتها اكثر من الصغار، ولكن الفئة المستهدفة في أفلام ديزني هم الصغار، لذلك صناعة فيلم عن الموت تتطلب معايير خاصة لكي تناسب هذه الفئة، إذاً كيف نجحت ديزني وبيكسار بكل براعة في تقديم فيلم مناسب للأطفال يناقش فكرة الموت؟
1- السر في الحكاية فقد قدمت ديزني فيلم فلكوري مستوحي من العادات والتقاليد المكسيكية، حيث سافر صناعه 5 مرات إلي المكسيك لدراسة الثقافة والعادات والتقاليد والفن الشعبي والناس من أجل تحديد قصة وشخصيات الفيلم.
– تقول جدتي بأن الموت غير موجود، وأننا نموت عندما ينسانا الآخرون، فعندما يفارق أحباؤنا الحياة ينتقلون إلي عالم آخر جميل ومبهج ومليء بالزهور البرتقالية (Aztec marigold) التي تقودهم إلينا يوم الموتي، وفي يوم الموتي نقوم بتنظيف وتزيين قبورهم وتقديم القرابين لهم التي هي عبارة عن أطعمتهم وشرابهم المفضل، ونحتفل بذكراهم وهبوط أرواحهم علي الأرض في جو مليء بالمرح والغناء، أما الذين يُنسون ولا يبقي أحد في العالم الحي يتذكرهم فهم يختفون من العالم الجميل ويُسمي هذا بالموت النهائي.
2- معظم شخصيات الفيلم هياكل عظمية، وقام صناع الفيلم بعمل رائع في جعل الهياكل غير مخيفة وخلق شكل وهيئة مميزين ومختلفين لكل هيكل عن الآخر، كما شاركت الهياكل في العديد من المواقف الكوميدية والاستعراضات الغنائية المرحة، ويجب الإشادة الكبيرة بجودة الرسم والحركة.
أجواء الفيلم جميلة جدا ومبهجة، والألوان تتداخل مع بعضها لتكون لوحات فنية ساحرة وتجربة بصرية مبهرة، والأداء الصوتي مميز من الجميع وخصوصاً الأداء الصوتي لميغيل وهيكتور، جودة ودقة الرسومات عالم اخر وخصوصاً وجه ماما كوكو الذي كان بمثابة بورتريه مبهر يظهر دقة مخيفة في تفاصيل وتجاعيد الوجه.
إذا سألتني عن أكثر شيء أعجبني في فيلم Coco فإجابتي ستكون بكل تأكيد الأغاني، فقد كانت أيقونية وحُفرت في ذهني من فرط جمالها، وتنوع تأثيرها حسب لحظات الفيلم، فقد كانت مبهجة مرحة في معظم فترات الفيلم، وحزينة ومؤثرة تدفعك للبكاء في أحيان أخري، ونصيحة لا تشاهد هذا الفيلم وعلي وجه الخصوص لا تستمع إلي أغنية “Remember Me” بدون وجود علبة مناديل بجانبك.
ركز الفيلم علي أهمية الحلم والموسيقي والعائلة وقدم العديد من الرسائل والنصائح للحالمين والعائلة علي حد سواء، فالفرد لا يجب عليه أن يسعي تجاه حلمه ويتناسي عائلته وواجباته تجاهها، أما العائلة فيجب عليها أن تدعم الفرد وتسانده لا أن يكونوا كالحاجر الذي يحيل بين الفرد وحلمه، فإذا امتهنت كل عائلة مهنة خاصة بها تتناقلها الأجيال فتخيلوا كم الأحلام التي ستتحطم، كما ناقش الموت بطريقة مختلفة وجميلة ليخلد نفسه كواحد من أفضل الأفلام التي ناقشت هذه الفكرة.
أحببت كثيراً أن أنهي هذه المراجعة بكلمات التحفة الغنائية الفريدة “Remember me”
Remember me
Though I have to say goodbye
Remember me
Don’t let it make you cry
For ever if I’m far away
I hold you in my heart
I sing a secret song to you
Each night we are apart
Remember me
Though I have to travel far
Remember me
Each time you hear a sad guitar
Know that I’m with you
The only way that I can be
Until you’re in my arms again
Remember me