في بداية مراجعة فيلم Being The Ricardos، يمكن القول أنه داخل الأوساط السينمائية، يصنف السيناريست المخضرم “أرون سوركين” علي أنه في طليعة الكتاب أصحاب الخبرة الكبيرة في النصوص السينمائية، ويمتلك المقدرة الازمة علي تحويل أية حدثٍ حقيقي إلي عملٍ سينمائي يستحسنه الجمهور والأكاديمية ويستطيع من خلاله أن ينال التقدير النقدي والجماهيري الذي تجلي في إستغراب الجميع عن سببية عدم ترشح “سوركين” عن السيناريو المقتبس لفيلم “Steve Jobs” الذي لعب فيه دور البطولة النجم “مايكل فاسبندر”.
لم تقف طموحات “سوركين” عند الكتابة فحسب، بل عرف طريق الدخول إلي عالم الإخراج وفد فيه مردوداً جيداً وأعطاه جزءاً من مجهوده، فخرج من خلاله بعملين جيدين مثل “Molly’s Game” عام 2017 مع النجمة “جيسيكا شاستين”، و”The Trial of the Chicago 7” السنة الماضية مع النجم “إيدي رديماين” ربما لا يتمتعان بإسهامات جديدة و مختلفة علي مستوي الإخراج، ولكنها كفيلة بإبراز الجوانب الدرامية والسردية والقصصية الذي يبدع فيها “سوركين” ويتقنها ببراعةٍ فائقة.
مراجعة فيلم The Trial Of the Chicago 7 – يوم رفضت الديموقراطية أن تخنع للسياسات المزيفة
هذا العام يعود “أرون سوركين” من جديد بعملٍ جديد وهو فيلم Being The Ricardos بصحبة إثنان من نجوم الصف الأول المميزين في “هوليوود” وهما “خافيير بارديم” و”نيكول كيدمان”، وفي عملٍ درامي مقتبس عن أحداث حقيقية ملعب “سوركين” المفضل، ولكن نكتشف بنهاية العمل أن “سوركين” لم يحالفه التوفيق في إستثمار موهبته العظيمة في الكتابة كي يقدم تجربته الجديدة أكثر تماسكاً في الإيقاع والسياق.
وأيضاً أكثر تأثيراً من ناحية العمق الدرامي الذي ينعكس من أداءات الممثلين وأبعاد الشخصيات، ولذا يمكن القول أن فيلم Being The Ricardos هو أقل أفلام “أرون سوركين” لم ينقذه سوي التمثيل وبضع لحظاتٍ درامية التي كانت جيدة إلي حدٍ كبير.
قصة فيلم Being The Ricardos
تدور أحداث فيلم Being The Ricardos عن العلاقة المتوترة والمعقدة بين النجوم والزوجين “لوسيل بال” و”ديسي أرناز”، وكذلك كواليس تحضير مسلسلهما السيت كوم الشهير “I Love Lucy”.
مراجعة فيلم Being The Ricardos
تكمن مشاكل سيناريو فيلم Being The Ricardos في كثرة المواقف الحوارية التي تشغل جوانب كثيرة من العمل، ولا تساهم كوحدةٍ واحدة في إبراز العنصر المهم في العمل ككل، وهو الصراع النفسي الذي تمر به شخصية “لوسيل بال” نتيجة ظروف علاقتها مع زوجها “ديسي”، ونزاعاتها مع صناع مسلسلها من ناحية أفكار المشاهد والرغبة في خروجهما بصورة معينة، من خلال تدفق الحوارات واحداً تلو الأخر، نجد دون حاجة لأعين خبيرة في النقد أن الحبكة تائهة تماماً وسط كل هذا الكلام.
والأسوء من ذلك هو غياب التواصل مع الشخصيات علي الرغم من وجود (والكلام علي شخصية “لوسيل بال” بالتحديد) تفاصيل جيدة متعلقة بهم ويسهل معرفة مبررات كل الإنطباعات التعبيرية والمواقف المتخذة منهم بمرور الأحداث، والسلبيات لا تقف عند هذا الحد، فهناك مشكلة أخري تتعلق بالإيقاع وعدم التوازن الجيد بين عنصري الدراما والأجواء المتعلقة بصناعة المسلسل وما يدور في كواليسه، لا يوجد تنظيم جيد للأفكار وعدم إنسجام وتنقلٍ سهل بين كل موقفٍ والأخر نتيجة تلك العبثية الإيقاعية التي لأول مرة يقع في شركها “أرون سوركين”.
ولكن بالرغم من ذلك، لا يمكن لأي فيلم من تأليق “أرون سوركين” أن ينتهي دون مشهد ختامي قوي علي مستوي الدراما ويقدم تحولٍ كبير في الأحداث وللشخصيات في ظل معاناتهم، حيث ينتهي فيلم Being The Ricardos بطريقة جيدة تتقدم نتيجة مختلفة عما شاهدناه داخل الفيلم وتتحرك معها عواطف المشاهد بدرجةٍ كبيرة عن سائر العمل بأكمله، فهي نقطة إيجابية تحسب ل”أرون سوركين” في الفيلم تعوض قليلاً عن كم السلبيات الموجودة به.
بالإضافة وبكل تأكيد للأدائات التمثيلية الجيدة بداية مع النجمة “نيكول كيدمان” التي بكل تأكيد ستحظي بترشحيها الخامس للأوسكار عن دور” لوسيل بال” نظير ما قدمته من إجادة في تصوير العبئ الكبير علي الشخصية معنوياً وصرامتها في التعامل مع الأخرين ومشاعرها تجاه زوجها “ديسي” إلي جانب تمكنها من تجسيد بعض لقطات مسلسل “I Love Lucy” بطريقة أشبه بالتي قدمتها “بال” في الحقيقة.
ثم بعدها يأتي النجم الإسباني “خافيير بارديم” الذي يعد خياراً مثالياً لشخصية “ديسي” الكوبي بلهجته الاتينية وطريقته في الإستعراض وكذلك في المواجهات الحوارية التي أظهر فيها “بارديم” تناغماً كبيراً بينه وبين “كيدمان” وقوي علي مستوي التمثيل، ووصولاً للظهور المميز للنجم “جي كي سيمونز” الذي لا تزال مسيرته منتعشة بالأعمال والأدوار الهامة ومنها دوره الصغير هنا الذي إجتمع فيه مع “نيكول كيدمان” وقدما أحد مشاهد الفيلم القليلة الجيدة.