مراجعات

عزت صبري يكتب .. “يوم الدين” حين تشعر أن العالم اوشك على الإنهيار

مراجعة فيلم يوم الدين

“فيلم يوم الدين، حين تظن في كل لحظة أن العالم على وشك الإنهيار من فرط قسوته، وأن الله على وشك أن يبعث الناس من جديد لينقذ أولئك المساكين مما هم فيه من شقاء”.

– “يوم الدين” الفيلم اللي انتظرته كتير من يوم الإعلان عنه ثم مشاركته فـ المسابقة الرسمية بمهرجان كان.. وبعدها بمهرجان الجونة وفوزه بأربع جوايز.

مراجعة فيلم يوم الدين
مراجعة فيلم يوم الدين

مراجعة فيلم يوم الدين

– “يوم الدين” من نوعية الأفلام الواقعية اللي بتشبه بقدر كبير السينما الإيرانية اللي بتمثل الواقع بكل تفاصيله، فالبتأكيد هتحب فيلم زي ده الفيلم إنسانياً قاسي جداً لدرجة تحسسك انك منفصل عن الواقع، وده اللي أضفى عليه سمة شديدة الواقعية وأجبرتك تشوف جانب مُظلم محدش يعرف كتير عنه، واللي يعرف عنه ربما اختار أن يتجاهله.. واقع مرضى الجُذام.

 

– “بشاي” مريض الجُذام الساكن فـ مستعمرة الجذام المحدوفة على أطراف القاهرة، تعافى من المرض لكنه لم يتعافى من آثار المرض القاسي على وشه وأطرافه، مرض الجُذام مرض بيلتهم الأطراف وبيعمل تشوهات فـ الملامح، حتى بعد التعافي بتفضل آثاره باقية.. “بشاي” بيشتغل فـ جمع الخردوات من الزبالة وبيعها.. عايش حياة شديدة الفقر والبساطة ورغم كدا بيواجه كل مآسي الحياة بنفس راضية وبشجاعة وقوة منقطعة النظير فـ حجم مأساة شخص تركه ابوه على باب المستعمرة وهو صغير بعد ما أكتشف ان إبنه بتتآكل أطرافه وأجزاء من وشه.

مراجعة فيلم يوم الدين
مراجعة فيلم يوم الدين

-” بشاي” شخص عايش على هامش المجتمع والحياة فـ سجن إجباري عبارة عن حجر صحي كبير معزول فيه كل المهمشين امثاله عن باقي المجتمع.. مجتمع رافض التعامل مع مجموعة المصابين المشوهين، ومحدش بيتحمل النظر فـ وشوشهم الغير معتادة، وخوفهم من العدوى.. حتى ولو كان تعافى من مرضه ومبقاش مشكل اي خطر عليهم، بيظل الرفض والتنمر موجود.. لدرجة بتوصله يصرخ فيهم إنه بني آدم زيه زيهم.

 

– بيقرر يدور على اهله، كل اللي يعرفه أن أصوله بترجع لقرية ما في محافظة “قنا”.. بيسيب كل شئ وراه وبياخد إحتياجاته لرحيلته وكل مايملك من متاعه الفقير على عربته المتهالكة اللي بيقودها “حربي” الحمار بتاعه، وبيقرر يتتبع مجرى النيل جنوباً للصعيد أملاً للوصول لأهله، وبيصاحبه فـ رحلته “أوباما” الطفل اليتيم اللي بيعيش فـ دار أيتام جنب المستعمرة واللي بتجمعه صداقة بـ “بشاي”.

– المميز فـ الفيلم إن “بشاي” هو شخص حقيقي – مش مجرد ممثل- مريض عاش حياة قاسية فـ مستعمرة الجُذام واستكمل دوره فـ الحياة على شاشة السينما فبدأ الفيلم امتداد طبيعي وصادق لحياته.. رؤية من مخرج عبقري إسمه “أبو بكر شوقي” فـ أول تجربة ليه، طرح فيلم من بطولة مريض جذام جرأة الإعجاب بالفيلم، بالقدر اللي تثيره عبقرية وتلقائية البطل الواقعي نفسه “راضي جمال”.
عزت صبري يكتب .. "يوم الدين" حين تشعر أن العالم اوشك على الإنهيار 1

– “يوم الدين” مزيج نادر بيأدي فيه ناس بأدوارهم الحقيقية فـ الحياة الطبيعية (سواء راضي جمال أو غيره من الممثلين اللي ظهروا بشخصيات أقرب لذواتهم الحقيقية) واقعية مشوفتهاش فـ السينما المصرية من أيام فيلم الأرض.

– موسيقى الفيلم جميلة جداً لـ “عمر فاضل” والكادرات البديعة للمصور “فيديركو سيسكا”.

– عنوان الفيلم وقعه تقيل ع النفس.. “يوم الدين” اليوم اللي كلنا فيه سواسية فـ النهاية، مفيش فرق فـ أشكالنا أو تشوهاتنا أو إعاقاتنا وطروفنا.

– “يوم الدين” فيلم مختلف بشدة.. أعظم ما شاهدت مؤخراً.

عزت صبري
كاتب مصرى شاب من مواليد محافظة الجيزة - ١ يناير ١٩٩٣، كتب العديد من المقالات في مجال السينما.. صدر أول كتاب له عام ٢٠١٥ بعنوان "زيزوفرينيا" تلاه بعده كتابه الثاني "كدا بالطو" الذي إتخذ خطاً ساخراً من خلاله ليحكي فيه عن تجربته في المجال الطبي ثم كتابه الثالث وآخر إصداراته "حالة طوارئ ج" والذي استكمل فيه رحلته لما بدئه في كتابه الثاني.. حصل على منحة من مدرسة جيزويت للسينما درس خلالها الإخراج.. وشارك في كتابة أفلام قصيرة مثل "فات الميعاد" و "الدور على مين" الذي ناقش قضية ختان الاناث والحاصل على جائزة أفضل فيلم بمهرجان ٤٨ ساعة لصناعة الافلام القصيرة برعاية صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA بسبتمبر ٢٠١٩.. كما شارك في تمثيل مسرحيات لمناهضة العنف ضد المرأة لشبكة Y-Peer Egypt.. وفازت أفلامه بجوائز عديدة حيث حصل فيلمه الأخير "وَهنْ" على جائزة أفضل فيلم وأفضل مونتاج بمهرجان Icon media بالجامعة الأمريكية للأفلام التسجيلية والقصيرة وجائزة أفضل إخراج بمهرجان العدسات الصغيرة بمتحف فنون جميلة بالأسكندرية.