من أجمل ما يجعل العمل السينمائي مقرب لقلوب الجمهور هو أن يكون قريباً من الواقع بصورةٍ كبيرة، يجسد معاناة ابشر ويقترب من دواخلهم، ويعكس مدي قسوة الأيام والليالي علي قليلي الحيلة أو “إلي ملهمش فيها” كما عنون صناع فيلم شلبي العمل علي لسان العروسة المريونت “شلبي”، هكذا كانت سينما الواقع مرآة الحقيقة و ألبوم صور اليوميات بصعوباتها ومشاقاتها وتعاسة طبقة معينة من المجتمع تعاني من أن تحيا كسائر البشر وأن يكون لها كيانها الخاص وأن ينظر إليها كنموذج طموحٌ يحمله السعي المستمر إلي واقع ملموس وإنجاز كبير للحالمون بضحكات الأيام والحياة لهم.
يعد فيلم شلبي المرة الثانية علي التوالي التي يقدم من خلالها المخرج “بيتر ميمي” ذلك المنظور بعد فيلم “من أجل زيكو”، وبنفس روح الكوميديا الطريفة والدراما المعبرة عن حال الشخصيات، ولكن هناك مميزات آخري لفيلم شلبي تجعله كما تم الإعلان عنه فيلم “العيلة” من أطفال وكبار، وسعادة علي الوجوه كما هو حنانٌ سينمائي علي البسطاء وأصحاب الحق في الطموح والنجاح، ورسالة بأن هناك منا من يمتلك الكثير لكي يقدمه ويستحق أن يصل إلي حلمه، وهناك من يستحقون البسمة علي وجوههم تنسيهم آلامٍ ماضية و هموم لن يحتملوها عند درجة معينة.
مراجعة فيلم من اجل زيكو .. هل يستحق المشاهدة؟
قصة فيلم شلبي
تدور أحداث فيلم شلبي عن “صابر” الذي يعمل ببيت الرعب بدور ملاهي، ويمتلك عروسة ماريونيت يطلق عليها اسم “شلبي”، و يحاول “صابر” تحقيق حلمه عن طريق تقديم مسرحية استعراضية مكونة من العرائس والممثلين في آنٍ واحد.
مراجعة فيلم شلبي
سيناريو فيلم شلبي الذي كتبه “مصطفي حمدي” يساوي بين عناصر الكوميديا والدراما وجوانب أخري داخل القصة بطريقةٍ مقبولة إلي حدٍ كبير، حيث جعل الدراما مبنية علي طبيعة الشخصيات التي تنتمي إلي الطبقات المتدنية من المجمتع وتعاني مادياً وإقتصادياً وإجتماعياً،وليس هذا فحسب بل من خلال تصاعد الأحداث وتطور المواقف التي يتعرض إليها الشخصيات وتحدث تأثيراً معيناً عليهم، نجد أن الجانب الدرامي يتماشي معها بالتوازي وبتأثير كبير علي المشاهد الذي سيسهل التفاعل مع الشخصيات ويشعر ببعض العاطفة تجاههم وتجاه أوصاعهم التي يريجون ان تتبدل إلي الأفضل فيما بعد.
ما نجح صناع فيلم شلبي في تقديمه أيضاً هو تقديم بعض الفقرات الإستعراضية والأغنيات التي تتوجه بدرجةٍ كبيرة لفئة الأطفال من أجل المرح والإستمتاع ببعض الوقت ادخل دور العرض شأنهم شأن من هم ذويهم، ويمكن الثناء علي ذلك الأمر بطريقةٍ اوسع وهي أن الفيلم ككل يخلو من أية إسفافٍ أو مشاهد مخلة، ويلتزم بكونه وقتاً يجمع العائلة داخل صالات السينما بكمٍ هائل من الإشكتشات واللحظات المرحة إلي جانب التأثير الدرامي الذي تم ذكره سلفاً.
بالطبع لا يخلو فيلم شلبي من أية عيوب، ولكنها لا تؤثر بدرجةٍ كبيرة علي تجربة المشاهدة ككل، علي سبيل المثال في مشهد النهاية كان من الممكن أن يكون أكثر توسعاً من ناحية الأفكار وان يكون بالفعل حدثاً مكافئ لحلم “صابر” الذي يسعي لتحقيقه، وهناك أيضاً بعض الفجوات البسيطة داخل الأحداث فيما يتعلق بالشخصيات، ولكن في المجمل يجب أن يضع من لم يشاهد “شلبي” حتي الآن بأنه فيلم عائلي لا أكثر ولا اقل، ليس مطالب بالتوسع في الأحداث علي نطاقاتٍ أكبر، أو خوض تحدياتٍ درامية تبعد الفيلم عن هدفه الرئيسي، ما قدم هنا يستحق الإشادة بكل تأكيد خصوصاً أن العمل إستهدف جميع الفئات وليس مقتصراً علي من هم ذوي الأعمار الكبيرة.
يعد فيلم شلبي ليس فقط من بطولة أحد النجوم بعينه، بل يتشارك الجميع الأهمية بلا إستثناء علي رأسهم “كريم محمود عبدالعزيز” الموهوب في دور”صابر” الذي بات قادراً علي تقديم الأداء الدرامي بكفائة مثلما هو طريف علي مستوي الكوميديا، كذلك الأمر بالنسبة ل”روبي” صاحبة الإطلالة الجيدة خصوصاً في علاقتها مع “صابر” و”بيومي فؤاد” في دور “فؤاد” الذي ما زال يحتفظ بطريقته المعهودة في الكوميديا وبنفس التأثير الذي بدأ به مشوراه الفني، ولكن مفاجأة الفيلم الكبري هي ظهور الممثل الشاب “حاتم صلاح” في دور “جزرة” الذي كان سبباً كبيراً في بروز أعلي درجات الكوميديا التي يقدمها الفيلم بخفة الظل التي يتمتع بها وطريقته في الإرتجال الكوميدي من خلال التعبيرات والتصرفات المعبرة عن شخصيته البسيطة.
في الختام، يعد فيلم شلبي بداية موفقة لموسم 2023 بهذه الجكاية السينمائية المستوحاة من واقعنا الذي نعيش فيه، وترسم البهجة والتفاؤل علي محيا الكثيرين في الوقت التي تصدق في تناولها الفني للموضوع التي تقدمه بطريقة مباشرة وغير مباشرة أيضاً من خلال الأحداث والمواقف الكوميدية والدرامية المختلفة.