لطالما حاولت السينما المصرية مراراً و تكراراً تقديم فيلم رعب يليق بها و لكن للأسف دائماً ما كانت تبوء هذه التجارب بالفشل الواحد تلو الآخر حتى فقد أغلب صناع السينما الأمل و لكن ها هو الأمل يعود من جديد على يد فيلم الحارث فهل يستطيع كسب الرهان هذه المرة و تقديم فيلم رعب مصرى جيد ؟
قصة فيلم الحارث :
يحكى فيلم الحارث عن الزوجين يوسف و فريدة و اللذان يقضيان شهر العسل بواحة سيوة و لكن يلبس فريدة شيطان مما يحول حياتها و حياة ابنها بعد عدة سنوات إلى جحيم .
السيناريو و الحوار :
سيناريو الفيلم مقسم الى ثلاث فصول متساوية زمنياً و متفاوتة فى الجودة .
– الفصل الأول في فيلم الحارث كان فصل تقديم أسطورة الحارث و هو ما تم باقتضاب و بنجاح و كذلك تقديم عائلة يوسف و فريدة و فهم مشكلة طفلهم بعدم قدرته على الكلام و هو ما كان ممتاز على مستوى التقديم و التنفيذ الى أن نصل إلى حدث صادم يسدل الستار على الفصل الأول و يأخذ الفيلم إلى اتجاه مغاير تماماً .
– فى الفصل الثانى شاهدنا تبعات هذا الحدث الصادم و بداية ظهور أعراض اللبس على فريدة و تزايدها مع الوقت إلى أن تصل القوى الخارقة للطبيعة إلى ذروتها لنصل هنا إلى ختام الفصل الثانى صاحب أكبر قدر من التوتر فى رأيى .
– فى الفصل الثالث نسير باتجاه النهاية و بالرغم من وجود عدد من الالتواءات فى النهاية الا أن تسلسل النهاية اتسم بالتسرع الواضح و كأن الفيلم يهرع للوصول لخط النهاية بالرغم من احتياج الفيلم لوقت أطول .
– بالرغم من السقطات العديدة و التفاصيل الغير متناسقة أحياناً فيبقى السيناريو جيد و متماسك و استطاع تقديم العناصر الأساسية المطلوبة لتقديم تجربة رعب جيدة مبدئياً .
– يعيب التواءة النهاية افتقادها لعنصر الذكاء مما جعلها متوقعة بشكل مبكر من قبل المُشاهد .
– حوار فيلم الحارث كان سئ و نمطى للأسف و عانى من افتقاد الروح و الحميمية به مما جعل الشخصيات أشبه بالروبوتات فى طريقة حديثها مما أدى إلى الفشل فى توصيل مشاعر الشخصيات الى المشاهد و جعل بعض المشاهد غير مستساغة بشكل كامل .
الأداء التمثيلى و الشخصيات :
– تصميم الشخصيات كان جيد جداً و لكن تطورها فى أغلب الأحيان كان غير موفق بدوافع غير مفهومة مما صعب مهمة فهم الشخصيات و مسببات أفعالها .
– الأداء التمثيلي كان باهت و بارد للغاية سواء فى مشاهد الحزن أو الرعب مما صعب مهمة التعاطف مع الشخصيات أكثر و أكثر و ذلك ينطبق على احمد الفيشاوى و ياسمين رئيس و لكن ذلك ليس أسوأ ما فى الأمر ؛ فالأداء الأسوأ يأتى مع على الطيب فى دور كمال و الذي تطلب دوره ممثل صاحب قدرات تمثيلية أكبر و كاريزما أعلى .
الموسيقى التصويرية :
أحد أهم عوامل نجاح فيلم الحارث هي الموسيقى التى بالرغم من كونها غير أصلية بالكامل و لكنها كانت فعالة و كانت أحد أدوات توتير المُشاهد فى الفيلم .
الإخراج :
– قدم محمد نادر تجربة إخراجية جيدة جداً و مختلفة نسبياً عن أغلب المحاولات السابقة للسينما المصرية لتقديم فيلم ناجح من فئة الرعب .
– ابتعد محمد نادر عن محاولة صنع خضات للمُشاهد أو Jump Scares و لكن اتجه الى نوعية الرعب النفسي التي تجعل المشاهد متوتراً أغلب فترة الفيلم و نظراً لكون هذا الفيلم أحد التجارب الأولى للسينما المصرية فيمكن القول بأنه نجح نسبياً و لكنه يحتاج بكل تأكيد إلى الكثير من التطوير .
– الفيلم تأثر إخراجياً ببعض عناصر فيلم الرعب الهوليوودي Hereditary الذى أخرجه آرى أستر أو على الأقل هذا ما شعرت به و هو تأثر مشروع فاقتبس بعض عناصره و قام بتوظيفها فى الفيلم .
– يعيب فيلم الحارث إخراجياً الضعف العام للأداءات التمثيلية و قلة مشاهد الرعب الفعالة .
– المونتاج فى الفيلم كان جيد جداً و استطاع دمج الوهم بالحقيقة و التنقل بينهم بسلاسة .
تقييم فيلم الحارث :
فيلم الحارث هو تجربة رعب مصرية بالرغم من مشاكلها المتعددة إلا أنها تستحق الفرصة و المشاهدة مع وجوب التطوير مع الوقت للوصول إلى المستوى المطلوب من أفلام الرعب فى السينما المصرية .
تقييم فيلم الحارث هو 10/5 .