علي هامش الكورونا وتفشي الفيروس المخيف بمختلف الدول وخصوصاُ الولايات المتحدة الأمريكية، أقيمت فعاليات حفل الأوسكار 2021 الذي يخمل رقم 93 علي مسرح “دولوبي” الشهير في هوليوود وأيضاً في محطة “يونيون للقطارات” بحضور أغلبية المتنافسين علي الجائزة الأهم في صناعة السينما، وذلك بعدما رفضت الأكاديمية الإعتماد علي تقديم حفل تفاعلي عبر تطبيق “زووم” مثل بقية المهرجانات الأخري، وإتخاذ عديد الإجرائات الإحترازية من أجل حضور الجميع وتسليم الجائزة يداً بيد.
قراءة في نتائج حفل الأوسكار 2021
حفل الأوسكار 2021 ذاته لم يكن جذاباً كعادة سابقيه، كان يخلو من الفعاليات الكوميدية والغنائية والاستعراضية التي لا طالما كانت جزاً أساسياً من برنامج الحفل الذي ينتظره الملايين من محبي الفن السابع حول العالم، ولهذا أطلق هاشتاج “Oscars so boring” تعبيراً عن إستياء البعض من هذا الحفل الفاتر المثير للملل الذي تغيب عنه كل مسببات المتعة المعتادة، وهذا منطقيٌ بالفعل نظراً لعدم تعود الجميع علي غياب الحيوية الإعتيادية للأوسكار وتعدد الفقرات المختلفة التي تقدم إلي جانب تكريم الفائزين بالجائزة نفسها.
بالحديث عن الجوائز نفسها، فلم يكن هناك نتائج مدوية تخالف توقعات العديدين باستثناء فوز السير “أنتوني هوبكينز” للمرة الثانية في مسيرته بجائزة أفضل ممثل في دور رئيسي عن فيلم “The Father” علي حساب النجم الراحل “شادويك بوسمان” الذي تنبأنا جميعاً بأنه من سيظفر بالجائزة نظراً لوفاته وتكريماُ له علي نهاية مسيرته بأداءٍ متميز بفيلم “Ma Rainee’s Black Bottom”، وأخر تقني سيتم ذكره لاحقاً في الفقرات التالية.
صاحب نصيب الأسد في عدد الجوائز هو فيلم “Nomadland” الذي نال ثلاث جوائز في فئة التمثيل والإخراج، والأهم بكل تأكيد هو فيلم العام وأفضل فيلم في 2020، وهي جائزة مستحقة بلا أدني شك نظراً لما قدمه الفيلم من قصيدة سينمائية في حب الحياة وإشهارٍ بديع لوجه الفن الإنساني الذي يهتم بالفرد ويلمس جوارحه وما يؤرقه.
مراجعة فيلم Nomadland – حينما تشهر السينما وجهها الإنساني
يأتي ذلك بالطبع إلي جانب ما قدمته النجمة القديرة “فرانسيس مكدورمند” من أداءٍ راقي رفيع المستوي، والشريط السينمائي البديع التي قدمته “كلوي زاو” التي باتت تلتمس طريق النجاح ومن المتوقع أن يعلو إسمها أكثر فأكثر كمخجرة واعدة في المستقبل.
علي مستوي السيناريو، فشهد حفل الأوسكار 2021 الفوز الأول والمستحق للكاتبة الشابة “إيميرالد فينيل” بجائزة أفضل سيناريو أصلي عن فيلم “Promising Young Woman” متفوقة علي المخضرم “أرون سوركين” الذي تنبأ له الجميع بالفوز، وأيضاً فوز الثنائي “فلورين زيلر” و”كريستوفر هامبتون” عن فيلم “The Father”، وهذا يعد فوز “زيلير” الأول بالأوسكار بعكس “هامبتون” الذي نال الجائزة للمرة الثانية بعد فيلم ” dangerous liaisons” عام 1988.
مراجعة فيلم Promising Young Woman .. المرأة التي قلبت الطاولة علي الجميع دون ضوضاء
ولكن كان هناك أيضاً بعض التوقعات التي لم تضل طريقها هي الأخري وحدثت بالفعل خلال مجريات الحفل، وهي فوز فيلم الرسوم المتحركة “Soul” بجائزتي الموسيقي التصويرية وأفضل فيلم إنيميشن، وحصول الفيلم الدانماركي الجميل “Another Round” علي جائزة افضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، وهي كما قيل مسبقاً إنتصاراتٍ متوقعة ومنطقية لا غبار عليها.
مراجعة فيلم Another Round – تحفة دنماركية تستحق المُشاهدة
بالحديث عن الجوائز التقنية، فقد كان من الغريب فوز فيلم “Mank” للمخرج “دافيد فينشر بجائزة التصوير علي حساب فيلم “Nomadland”، فالأخير إستخدم عدسات الكاميرا خاصته في إكتشاف الغرب الأمريكي بعيون شخصياته ونجح في رسم صورٍ تفصيلية لمحيط الأحداث الفسيح الذي جابت من خلاله شخصية “فران” الطرقات والأماكن بحثاً عن عملٍ موسمي.
المشكلة أن فيلم “Mank” لم يتميز بشئٍ يذكر سوي بأداء “جاري أولدمان” وإعتماد اللون الأبيض والأسود، بخلاف ذلك لم يكن هناك تميزٍ إخراجي أو شئٍ فريدٍ من نوعه قدمه “دافيد فينشر” علي غرار أعماله السابقة، فذلك الفوز يعد غريباً وليس بالمنطقي علي الإطلاق.
بخلاف هذا، جائت بقية الجوائز التقنية كما كان متوقع مثل فوز فيلم “Tenet” للمخرج “كريستوفر نولان” بجائزة المؤثرات البصرية، وحصول فيلم “Sound Of Metal” علي جائزتي المونتاج السينمائي والصوتي، وخروج فيلم “Ma Rainee’s Black bottom” بجائزتي تصميم الأزياء والمكياج وتصفيف الشعر.
يبقي أحد أبرز لقطات حفل الأوسكار 2021 هو خطاب “كلوي زاو” المؤثر عن إهدائها الجائزة لمن هم بإمكانهم الإيمان بالشئ الجيد الكامن في نفوسهم وفي الأخرين، وما تمنته النجمة “فرانسيس مكدورمند” عقب فوزها بجائزة التمثيل بأن يشاهد الجميع الأفلام المرشحة بصالات السينما بصحبة ذويهم يوماً ما بعد إنقضاء هذه الأزمة الصحية العالمية، وأيضاً رقصة النجمة القديرة “جلين كلوز” بشكلٍ مرح وتفاعلها اللطيف مع أحد مقدمي الحفل.
في الختام، ينتهي الحديث نهائياً عن موسم 2020 الذي تعرض لعديد التأجيلات السينمائية، وشهد فتوراً كبيراً للأفلام التي بإمكانها صنع الحدث نهاية العام كما جرت العادة، ولعل موسم 2021 يحمل القدر الكافي من الإنتاجات السينمائية التي بإمكانها المنافسة علي جوائز الأوسكار، وإعادة أجواء الحديث المتشعب بين الجمهور عن من يمتلك الأحقية بالفوز والتوقعات عن شكل المنافسة وما إلي ذلك من نقاشٍ حماسي ينتظره الجميع بفارغ الصبر.