مراجعات

قبليني قبل أن يصيبني السقم – مراجعة فيلم Phantom Thread

قبليني قبل أن يصيبني السقم - مراجعة فيلم Phantom Thread 1

بول توماس أندرسون يعزف سيمفونية الخلود في واحدة من أجمل التحف الفنية في العصر الحديث، ويثبت نهائياً وعلى نحوٍ حاسم أنهُ واحد من أفضل المخرجين على الإطلاق، في فيلم صنع على نحو أنيق، جميل، رقيق، وبرعاية فائقة الشدة كما الفساتين التي يصنعها بطله، إستطاع بول توماس أندرسون أن يعبر عن معاناة الفنان ورحلته نحو الكمال في خيوط متشابكة من الموضة والرومانسية، وقدم لنا وجهة نظر مختلفة عن العشق والهوى، حيث لا تكون أشياء يتم الشعور بها ولكنها بالآحري أشياء يتم تشكيلها والتلاعب بها مع كل دقة قلب، الحب هنا ليس أمراً عفوياً بل هو مثل لعبة الداما حيث كل حركة محسوبة بدقة من شخصيات لا يمكنك سوي ان تشعر بالحيرة مع كل حركة يقومون بها، ربما بول توماس أندرسون يتلاعب بمشاعرك بهذا السيناريو كما تتلاعب هذه الشخصيات بمشاعر بعضهم البعض. 

قدم لنا بول توماس أندرسون أوديسة الحب الخاصة به في عمل سينمائي يثير الإعجاب من جميع النواحي الممكنة، فقد قدم لنا تصويرياً سينمائياً مسبباً للنشوة، سوف تقوم بإعادة بعض المشاهد مراراً وتكراراً حتي تستمتع بجمالها الأَخَّاذ، مشاهدة بول توماس أندرسون وهو يمارس بمهنته تصيبني بحالة من اليوفوريا، بول توماس أندرسون يستخدم اللقطات الطويلة هنا بشكل مبتكر ومستوحي بشكل أو بآخر من وجهة نظري من رائعة كوبريك Barry Lyndon، واعيب عليه إستخدامه المكثف للموسيقي التصويرية تشعر في أوقات وكأنها تأتي لمحاولة رفع ايقاع الفيلم البطئ والهادئ في أحيان كثيرة، وليس كأنها وسيلة لزيادة جمال المشهد، وهذا لا يعني أنه لم يستخدمها بشكل صحيح، بل إنه استخدمها بشكل مثالي في العديد من المشاهد، ولكنها في نفس الوقت لم تكن ضرورية لمشاهد كثيرة.

في ختام مسيرته المهنية الحافلة بالجوائز، الأدوار العظيمة، والتقدير من جميع من شاهد سينما يوماً ما، السير دانيال داي لويس يقدم أخر أداء له في في دور رينولدز وودكوك مصمم الأزياء الذي يسعي للكمال أو بالآحري الجمال من وجهة نظره في كل شئ يفعله، لا أحد يستطيع أن يلعب مثل هذه الأدوار بدقة وجرأة مثل السير، مع كل حركة من جسده، تعبير يظهر على وجهه، كلمة تخرج من فمه، بل وجوده بحد ذاته على الشاشة يشعرك ان هذا الممثل قد تحول وبشكل كامل للشخصية التي يلعبها على الشاشة لم يتحول فقط بل هو في الأساس الشخصية التي تشاهدها، وقد نال ترشيحاً سادساً للأوسكار، وهو في طريقه لتحقيق السوبر هاتريك من الذهب، ولا ننسي الأداء المساعد الرائع والمميز للغاية من فيكي كريبس بدور إلما الفتاة الريفية البسيطة التي تقلب حياة وودكوك رأساً على عقب، وليزلي مانفيل في دور سيرل اخت ليزلي الكبيرة، وأعتقد ان دور سيرل من أفضل الأدوار النسائية التي رأيتها في السنوات الأخيرة وترشيح مستحق جداً جداً لمانفيل.

عزيزي القارئ انت أمام عمل فني شبه مثالي، ودراسة جذرية، واستكشاف الأعماق الملتوية لهوس الفنان، رؤية مريضة للحب من خلال سيناريو أكثر من رائع، وإستخدامه للعلاقات بين الشخصيات لخلق التوتر مع مرور كل لحظة من الفيلم، قد قام بول توماس أندرسون بتوسيع آفاق السينما مجدداً، ولا ابالغ لو قلت ان هذا الفيلم قد جعلني أعيد تقييم طريقة رؤيتي للفن السابع، رائعة سينمائية منسوجة بعناية تحت الخيوط المتشابكة للوهم.

وداعاً سير داي لويس وشكراً جزيلاً لك.

التقييم النهائي : 9 من 10

بقلم : باسم عماد

Behind The Scene
بيهايند هي كيان سينمائي مصري متخصص فى مجال ترشيحات الأفلام والمسلسلات وتقديم تغطية لكافة الاخبار الفنية في السينما والدراما