مراجعات

مراجعة فيلم The little Things – الشيطان يكمن في التفاصيل

فيلم The little Things
اعتاد الجمهور في الآونة الأخيرة من أفلام الجريمة والتحقيقات علي الكثير من مشاهد المطاردات والإثارة ولكن يختلف الوضع مع فيلم The Little Things . . . فهذا الفيلم يكتظ بالتفاصيل الإبداعية الصغيرة ليحقق مقولة الشيطان يكمن في التفاصيل بأتم الكلمة من معنى فالقصة هدفها الأول والأخير إيصال فكرة معينة للمُشاهدين وليس حل لغز جريمة قتل، ولكن هذا لا يمنع أن الفيلم يحتوي على العديد من مشاهد الترقب واستطاع اجتذاب الجمهور فى بعض احداثه لجعلنا مُنتظرين حل لغز تلك الجرائم البشعة. 

وسوف اقوم بمراجعة فيلم The Little Things بدون حرق في السطور القليلة القادمة…. 

يبدأ فيلم The Little Things بمشهد مطاردة يشد الأعصاب لفتاة مراهقة مع قائد سيارة مجهول في إحدى الطرق المعزولة لنكتشف أنه قاتل غامض يبحث عن متعته لنبدأ سلسة من التحقيقات في محاولة للوصول لذلك القاتل.
عندما تم الإعلان عن العمل لأول مرة أكثر ما شد انتباهي هو مخرج العمل ومؤلفه “جون لي هانكوك” أكثر من طاقم التمثيل العملاق وذلك يرجع إلى تاريخه الرائع من الأفلام الدرامية الغير متكلفة مثل The Blinde Side / the founder. . وكما نعلم جميعاً أن أساس أي عمل هو مخرجه ومؤلفة قبل طاقم التمثيل. . . ولم يخيب ظني في ذلك العمل مطلقاً فاستطاع بسلاسة في معظم الحوارات إعطاء المشاهدين جرعة من الرسائل الضمنية التي قلما نجدها في تلك الفئة من الأفلام.
فيلم The Little Things
وبالرغم من تكرار تلك الحبكة في الكثير من الأفلام والتي ذكرتني كثيراً بحبكه فيلم Seven في نفس العناصر فهناك محقق قديم يساعد محقق شاب للقبض على سيكوباتي له وجهة نظر فلسفية للحياة، ولكن بالطبع هنا المعالجة والرسالة المقدمة من الفيلم تختلف تماماً وتفتثر لحودة الفيلم الأصلي بالتأكيد.
فتدرج رحلة البطل كان العامل الرئيسي في جذب انتباه المشاهدين فالمزيج بين لقطات الماضي والحاضر جعلنا نكتشف حياة البطل بالتدريج رغم تحفظي علي بعض مشاهد الفلاش باك الغير مبررة ولكن هذا المزيج أضاف عنصر الغموض والمفاجأة في نهاية الفيلم وهذه النقطة في منتهى الأهمية لمحبي هذه الفئة من الأفلام البوليسية وقد نجح في ذلك بشكل جيد ومبتكر بعيد كل البعد عن التواءات الأحداث الرخيصة والمستخدمة فالكثير من الأفلام التي تتحدث عن القتلة المتسلسلين.
وأكثر ما يعيب هذا الفيلم من الجانب القصصي هو استخدام حوارات غامضة فقط على المُشاهدين ولكنها مفهومة بين أبطال العمل وهذا ما خلق شعور بالارتباك والملل أحيانا قد يدفع البعض لترك مشاهدة الفيلم في منتصف أحداثه. . فالأفضل دائماً استخدام حوارات غامضة للبطل كما لو كان يستكشفها معنا. . فالبطل ما هو إلا انعكاس للمُشاهدين وما يدور في أذهانهم بالأخص في تلك الفئة من الأفلام.
ولكن الجانب الذي دفع الكثيرون لاستكمال فيلم The little Things والاستمتاع بكل لحظاته هو المرارة التمثيلية العظيمة بين ثلاث ممثلين من الفئة الأولى، فالمَشاهد التي تجمعهم سوياً كانت تفوق توقعاتي الكبيرة بمراحل.
ومن الطبيعي أن أي فيلم يطل فيه الجوهرة السمراء “دينزل واشنطن” لا يمر دون إجتذاب تصفيقات المُشاهدين من الأداء البسيط الذي يصل إلى القلوب بأسهل الطرق، وبالرغم من صعوبة الدور الذي يؤديه فقد قام بتأدية دور “جوي ديكون” صاحب الشخصية المركبة بشكل جيد جداً بالرغم من الكتابه السيئة للشخصية.
مراجعة فيلم The little Things - الشيطان يكمن في التفاصيل 1
ولكن المفاجأة السارة هي أداء “رامي مالك” الرائع لشخصية المحقق الشاب “جيم باكستر” فالشخصية تتطلب الكثير من الحضور والانفعالات وقد قدمها بشكل بسيط ذو حضور كبير واستطاع أحيانا التفوق على شخصية دينزل واشنطن في بعض المشاهد وهذا شيء يفوق الكثير من التوقعات.
مراجعة فيلم The little Things - الشيطان يكمن في التفاصيل 2
وبالتأكيد أداء معتاد وثابت من أفضل مؤدي للشخصيات السيكوباتية في الجيل الحالي “جاريد ليتو” ليصبح لا غني عنه في تلك الأدوار بالرغم ايضاً من تكرار تلك الشخصية في العديد من الأفلام بدون اضافة اي معالجة درامية جديدة عليها في هذا العمل. 
مراجعة فيلم The little Things - الشيطان يكمن في التفاصيل 3
وكان لأستخدام تدرج الألوان طبيعة خاصه في هذا الفيلم فمعظم المشاهد تم استخدام درجات اللون الأزرق لتبرز لنا الكآبة والهدوء الذي يعيشه السكان رغم بشاعة الجرائم المحيطة بهم وأيضا تم استخدام تدرجات اللون الأخضر مع مشاهد دينزل واشنطن بالأخص للدلالة على عنصر الفساد والظلام بداخله.
في الختام واحد من الأفلام الدرامية المبشرة جداً لسنه 2021 ستشعر بمزيج من فيلم Zodic وفيلم Seven وبتمثيل عظيم لا يقل عنهم وبمعالجه فلسفيه جديدة ستبهرك في نهاية الفيلم الرائع رغم تخفظي علي النهاية المفتوحة والحوارات الغامضة ولكن بالتأكيد تجربة تستحق المشاهدة.
تقييم : 7/10 

كريم وهدان
طبيب أسنان و عاشق للسينما ، طامح لدراسة وممارسة الإخراج السينمائي ، هوايتي الأكبر هي تحليل ومشاهدة كل ما هو يصنف تحت فن الصور المتحركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *