مراجعات

مراجعة فيلم The Green Knight – رحلة من أجل الشرف

The Green Knight

بعد جذبه لأنظار الجمهور و النقاد مؤخراً يعود ديفيد لاورى بمشروع جديد مثير للإهتمام و مثير للجدل كذلك، فيلم The Green Knight الذى لاقى إعجاباً نقدياً كبيراً زاد من قدر الترقب له فهل كان الفيلم يستحق هذه الضجة؟ و هل هى تجربة مناسبة للجميع؟

قصة فيلم The Green Knight :
تبدأ أحداث الفيلم مع دخول الفارس الأخضر حيث الملك بين الحضور و ابن أخته الفارس جواين بطل قصتنا؛ يعرض عليهم لعبة بأن يضربه أحدهم بسيفه ثم ينتظر عاماً كاملاً و يذهب إلى معبد الفارس الأخضر ليرد له الضربة بمثلها و بعد تقدم جواين و تسديد ضربة تطيح برأس الفارس الأخضر يقوم الفارس بالتقاط رأسه مذكراً جواين بقواعد اللعبة لنذهب بعد عام مع جواين فى رحلته إلى المعبد.

https://www.youtube.com/watch?v=sS6ksY8xWCY

الفيلم مبنى على قصيدة قديمة تدور عن هذه القصة ليحولها ديفيد لاورى إلى الشاشة السينمائية مضيفاً إليها بعضاً من القصص و المغامرات التى يخوضها جواين أثناء رحلته إلى الفارس الأخضر.The Green Knight

الفيلم عبارة عن مقدمة لتقديم البطل و بدء الحبكة و كل ما بعد ذلك هو رحلة البطل إلى معبد الرجل الأخضر و التى يتخللها اختبارات تختبر فضائل الفارس الخمسة (الكرم، اللباقة، الصداقة، العفة، التقوى) و هى الصفات التى يجب أن يتصف بها كل فارس نبيل من وجهة نظر القصيدة.

عانى سيناريو الفيلم فى الفصل الأول فى بناء شخصية جواين و توضيح شكل الرحلة و اختباراتها فى البداية فعالم فيلم The Green Knight ملئ بالأمور الخارقة للطبيعة و أبرزها السحر و بالرغم من ذلك نتفاجأ بوجود هذه الأشياء فى عالمنا اثناء الرحلة.The Green Knight

مع بداية الرحلة تتحسن الأمور مع كل مغامرة يخوضها البطل، اختبارات هو الوصف الأقرب لها فدائماً المغامرة بها عنصر يمثل خطر على حياة البطل و هو ما كان غائباً فى هذه الرحلة و مع كل اختبار نكتشف مع جواين جانب من جوانب شخصيته التى لم يعرف عنها الكثير فهو شخص بلا طموح ولا تجارب عاش حياته وسط النساء و الخمور فعندما طلب منه الملك أن يحكى قصة عن نفسه لم يجد شيئاً ليحكيه لأن حياته ببساطة كانت خاوية.

الفيلم ملئ بالرمزيات منذ البداية و حتى النهاية بعضها كان واضحاً يسهل تفسيره خاصة فيما يخص الفكرة الرئيسية للفيلم و هى النبل و هناك بعض الرمزيات الأخرى مبهمة و قد نحتاج إلى أكثر من مشاهدة لملاحظتها و فهمها و غالباً ما تمثل رسائل أخرى فرعية.The Green Knight

يمكن تصنيف الفيلم كواحد من الأفلام الفنية أو أفلام الأرت هاوس التى تتميز بالرتم البطئ نسبياً فالمشهد الواحد يأخذ وقته كاملاً و بكل أريحية على الشاشة فى استعراض بصرى جذاب لعالم الفيلم، و كذلك الأحداث و الفواصل بينها تسير بسرعة منخفضة و عندما تزداد لا تتجاوز المتوسطة و هو ما قد ينفِّر البعض من الفيلم و لكن شخصياً لم يتشتت انتباهى طوال فترة العرض و حتى انتهاؤه و هو ما يميز أسلوب ديفيد لاورى بشكل عام.The Green Knight

أحد مشاكل الفيلم هى شخصية جواين فهى شخصية أحادية البعد كل ما نعرفه عنها أنها شخصية ذات حياة لا معنى لها مليئة بالنساء و الخمر و ربما لو كانت هذه الشخصية تميزت ببعد آخر أو بعدين لأصبحت أكثر إثارة للإهتمام على مدار الرحلة.
بسبب بناء شخصية جواين الرقيق و تقديمه الضعيف انعدم التواصل العاطفى بين المُشاهد و الشخصية مما أدى لتحول المُشاهد إلى مجرد مراقب للرحلة بدلاً من تفاعله معها عاطفياً بدلاً من كون التفاعل ذهنى فقط.

اقرأ أيضاً: مراجعة فيلم A Ghost story

على جانب الأداء التمثيلى فسنجد أن ديف باتيل فى دور جواين قدم أداء جيد جداً استطاع من خلاله أن يظهر بجميع مشاهد تقريباً دون أن يشعر المُشاهد بالملل من تواجده الدائم خاصة مع شخصيته الغير مثيرة للاهتمام.The Green Knight

أليشيا فيكاندر كذلك قدمت أداء ممتاز فى شخصيتين على مدار الفيلم و من خلال أحدهما قدمت أفضل المشاهد الحوارية كتابةً بالفيلم.The Green Knight

موسيقى دانيل هارت و الأغانى التى اختارها على مدار الفيلم كانت ذات طابع ساحر استطاعت أن تتماشى مع طبيعة العصر و العالم الذى يقدمه الفيلم كما تمكنت من ملء الفراغات و جعل كل مشاهد الفيلم أكثر حيوية.

نذهب إلى الجانب الأكثر تميزاً فى فيلم The Green Knight ألا وهو التجربة البصرية؛ الفيلم هو تجربة استثنائية بصرياً و سيعيد إليك ذكريات من تحفة دينيس فيلينوف Blade Runner 2049.The Green Knight

السينماتوغرافى و كل ما يندرج أسفلها من تقنيات تم استخدامه بالشكل الأمثل فى فيلم The Green Knight فكل كادر هو لوحة فنية بذاتها تستحق الوقوف عندها و التأمل، مؤثرات بصرية بتصميم جيد بعيد كل البعد عن اللمعان الزائد الذى غالباً ما يميز أفلام السوبرهيروز وتنفيذ ممتاز ،برودكشن ديزاين عظيم و اختيار أماكن تصوير مميزة على مساحات واسعة فى تحدٍ لم يكن بالهين بكل تأكيد مما يجعله أحد أهم المرشحين المبكرين لأوسكار أفضل تصوير سينمائى.The Green Knight

اقرأ أيضاً: مراجعة فيلم CODA – ما بين العائلة و الشغف

مونتاج الفيلم أيضاً بطبيعة الحال كان رائعاً و وصل لذروة التألق مع تسلسل النهاية المميز و الذى قدم فكرة الفيلم و رؤيته الرئيسية بشكل مجمل خلاب من خلال مجموعة من المشاهد المتتابعة و بدون كلمة واحدة.The Green Knight

فيلم The Green Knight هو رحلة فانتازيا فائقة الجمال مليئة بالرمزيات و الرسائل الواضح منها و المُبهم و هو ما سيسيطر على عقلك و أفكارك لفترة ليست بالوجيزة بجانب كونه تجربة بصرية إستثنائية لا تُنعم بها السينما علينا كثيراً.
تقييم فيلم The Green knight هو 8/10.

محمد هشام
كاتب بموقع بيهايند و طالب بكلية الطب جامعة عين شمس من مواليد المنصورة، محب للسينما وكرة القدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *