يعد فيلم The Good Nurse إضافة حقيقية لسلسلة الأعمال المرتكزة علي قصصٍ حقيقية تستحق أن تروي سينمائياً، وتمتلك من التفاصيل ما يجعلها مادة مناسبة تستطيع أن تترك إنطباعاً جيداً عند المشاهد وتحدث تأثيرها بفعالية كبيرة، والقصة التي يرتكز عليها فيلم The Good Nurse تصنف علي أنها تنتمي لنوعية أفلام الإثارة والتشويق، ولكنها لديها عناصر تفرد مهمة تجعلها مختلفة بكل ما تحويه الكلمة من معني، بالإضافة لكونها صادمة للغاية وموجعة خصوصاً في فصولها الأخيرة.
يبقي عنصر الإختلاف الهام عن سائر أفلام الإثارة والتشويق أو لنجعلها محددة أكثر هي خلو الفيلم من أية مشاهد دموية وعنيفة، بل أن يرثي صورة مختلفة عن الجريمة، وبطريقةٍ بالفعل يصعب الإشارة إليها أو التأكيد علي حدويثها من الأساس، ولهذا أهم الأسباب التي تجعل فيلم The Good Nurse من اهم أعمال سنة 2022 هو طبيعة المحتوي الذي يسهل أن يُنسج من خلالها لكثير من التعقيدات في الأحداث والمواجهات بين الشخصيات التي يصاحبها التوتر في آونةٍ كثيرة، والأهم من ذلك أليات حدوث الجريمة التي ربما لم نري كيفية تنفيذها بقدر التركير علي النتائج المترتبة علي تلك الإعال والجرائم.
قائمة افلام نتفليكس 2022 التي لا بد من مشاهدتها هذا العام
ولذلك، يحسب لصناع فيلم The Good Nurse تمتعهم بالحس الفني العالي والعقل الحكيم في إختيار الحبكة والعمل علي سردها بالطريقة التي رأينها علي مدار الفترة الزمنية المخصصة للفيلم، وكذلك الإستقرار علي نجمين كبار بحجم “إيدي ريدماين” و”جيسيكا شاستين” للقيام بأدوار البطولة بالفيلم، وكانا بالفعل علي قدر المسؤولية وساهما في خروج الفيلم مع العناصر الأخري بالشكل المثالي قصصياً وإخراجياً وتمثيلياً.
قصة فيلم The Good Nurse
تدور أحداث فيلم The Good Nurse عن الممرضة “إيمي لوهرجان” الذي تعتليها صدمة كبيرة حينما تعرف أن زميلها “تشارلز كولن” متهم بقتل العديد من المرضي بلإستخدام أدوية الإنسولين و”دايجوكسين” دواء القلب الشهير دون أن يسيل أية نقطة دم.
مراجعة فيلم The Good Nurse
يتميز فيلم The Good Nurse بالإيقاع التصاعدي الذي من خلاله تتضح الحقائق رويداً رويداً بعد بناء قوي ومحكم للشخصيات يساهم في فهم المشاهد للتحولات التي طرأت علي القصة حينما تصل للفصول الأخيرة منها ، الجدير بالذكر أن السيناريو نجح في أن يبث القلق والتوتر للمتلقيين من خلال التركيز علي الشخصيات بدرجاتٍ أكبر من تقديم الكثير من الأحداث، وذلك لا يعني مطلقاً أن الفيلم خالي من الأحداث، بل أن المقصود مما سبق أن الفيلم يحاول أن يمنح لنفسه صفة التفرد في طريقة طرح الإثارة والتشويق بأسلوب مختلف عما قدم بتلك النوعية من الأفلام.
بالنظر لمضمون الفكرة نفسه، فنحن أمام أسلوبٍ غير إعتيادي للقتل المتسلسل، وعلي المستوي السينمائي لم يتم تقديم مثيلٍ لها من قبل، ولذلك يحسب لصناع العمل حسن إختيار الموضوع للسبب الذي تم ذكره سلفاً، بالإضافة إلي التقديم الجيد لدراسة الشخصيات تلك وتسليط الضوء علي الجوانب النفسية والمعنوية لهم، قد كان من الممكن إعطاء الفرصة لفهمٍ أكثر لدوافع شخصية القاتل “تشارلز كولن” خصوصاً أنه تم الإشارة لها في الكثير من التقارير الصحفية علي الرغم من إدعاء الفيلم في نهايته أنه لم يُعرف حتي وقتنا هذا أسباب الجرائم التي إرتكبها “كولن” بحق المرضي، ولكن السيناريو إكتفي بالتركيز علي الأبعاد السيكولوجية لشخصية “تشارلز” وتعامله مع شخصية الممرضة “إيمي” بالكثير من المواقف الحوارية.
أيضاً، نجد أن الفيلم لا يركز فقط علي شخصية واحدة بعينها، بل إنه يمنح الجميع الفرصة للمشاركة بتأثيرٍ كبير علي الأحداث، ومثال علي ذلك الشخصية الثانية المهمة وهي الممرضة “إيمي” التي أعطاها السيناريو مساحة كبيرة تمهد لتحولٍ خاص بها متعلق بتعاملها مع شخصية “تشارلز كولن”، إلي جانب شخصيات المحققين الذين يحاولون إيجاد الطريقة المناسبة لإثبات التهمة علي “تشارلز” والقبض عليه، تلخيصاً لما سبق يمكن القول بأن السيناريو الخاص بفيلم The Good Nurse قوي ومتماسك ومختلف فعلياً علي مستوي القصة، وحتماً سينظر إليه لاحقاً علي أنه عمل مختلف قد يساهم في تقديم كل ماهو جديد ومختلف في عالم الإثارة والتشويق السينمائي.
قوة الفيلم الأخري بجانب السيناريو تكمن في الأدائات التمثيلية لكلاً من “إيدي ريدماين” و”جيسيكا شاستين”، تميز “ريدماين” يكمن في تعبيرات وجهه الجامدة الباردة التي لا تعبر علي أن “تشارلز كولن” مجرم وقاتل يمتلك مثل هذه الوحشية كامنة بداخله، أداءٌ متميز ينفجر في المشاهد الأخيرة من الفيلم بإنفعالٍ رائع ينم عن الإضطراب النفسي التي تتمتع به شخصية “تشارلز” حينما يتم مواجهتها بالحقيقة، عدا ذلك نجد “ريدماين” يرتجل برود الشخصية في الكلام والمواجهات الحوارية بطريقة سلسة لا تتغير سوي مع التحول الذي تم الإشارة إليه.
أما عن “جيسيكا شاستين”، فهي مازالت تتألق في الأدائات الدرامية المركبة التي تحمل القدر الكبير من الضغوطات النفسية والعصبية، والتحديات الصعبة التي تفرضها طبيعة الشخصيات علي أية ممثلٍ من المطالب منه أن يبرز كافة جوانب الشخصية بكل وضوحٍ جلي، وقد نجحت “شاستين” الفائزة بالأوسكار العام الماضي في أن تكون رد الفعل الصادم نتيجة أفعال “تشارلز” إلي جانب تجسيد معاناتها الشخصية المتعلقة بمرضها، ونقطة رد الفعل تلك كفيلة بأن تمنح “شاستين” شهادة الإجادة علي ما قدمته أمام الأداء المرعب والقوي ل”إيدي ريدماين”.
في الختام، لم يكن يتردد في المواقع المتخصصة بالأخبار الفنية عن هذا العمل ولم يعرف عنه أحداً الكثير، ولكنه نجح في أن يعطي الجمهور ساعتين من الإثارة والتشويق التي إلي جانب كونهما ممتعين من الممكن أن يكون لها تواجدٍ بصورةٍ ما في موسم الجوائز هذا العام، وخصوصاً علي مستوي الأدائات التمثيلية.
