لا شك أن فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery هو نموذج مثالي لما يجب أن يترتب عليه إي إمتدادٍ أو أجزاء أخرى لعمل مهم حاز على إعجاب النقاد والجمهور، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بالجزء الثاني لواحدٍ من الأفلام التي قدمت وقت عرضها عام ٢٠١٩ مفهوماً حديثاً لنوعية كلاسيكية من السينما وهي أفلام الجريمة والغموض التي تسمى بwhodunit movies أو “من القاتل”.
الفضل في ذلك يعود لبراعة المخرج والمؤلف المتميز “رايان جونسون” الذي خلق توازنٍ بين الآلية المعتادة لتلك النوعية من الأعمال و استحداث بعض العناصر كي تواكب التطور الحالي السينمائي من ناحية الأفكار وتقاربها مع الواقع بصورة كبيرة، مع الإهتمام بضمان عنصر التسلية التي تجذب انتباه المتلقيين وتستحوذ على تركيزهم طوال الفترة الزمنية المخصص للفيلم من أجل التركيز في تفاصيل اللغز ومحاولة فك رموزه الغامضة.
ولذا مقارنةً بالجزء الأول، يمكن القول إن فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery يقدم شيئاً مختلفاً نجح صانعه “رايان جونسون” في الراهن على عنصر التسلية مع الإشارة لمضمون الفيلم داخل أحداثه بمعالجة فنية مناسبة، ويقدم أجمل هدية سينمائية في نهاية هذا العام ٢٠٢٢ ربما كان من الأفضل أن تعرض داخل صالات السينما التي كانت حتماً ستجد الإقبال على مشاهدة هذا العمل أمراً مؤكد حدوثه بنسب كبيرة.
أفضل افلام 2022 – ترشيحات بيهايند ذا سين لهذا العام
قصة فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery
تدور أحداث فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery عن الملياردير “مايلز برون” الذي يدعو أصدقائه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بالجيزة المعزولة الخاصة به، ولكن حينما يتم مقتل أحد هؤلاء الأصدقاء في ظروف غامضة ، يضطر المحقق “بينوا بلان” لعب دوره المعتاد ويحاول فك رموز تلك الجريمة المفاجئة.
مراجعة فيلم فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery
اختار المخرج والمؤلف “رايان جونسون” تقسيم قصة فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery لفصلين متساويين في الأهمية من حيث تسيير الخط الأساسي للأحداث ثم عودة إلى الماضي بأسلوب الفلاش باك من أجل الكشف عن بعض الحقائق المتعلقة بالجريمة، وصولاً للحظات الحسم والكشف عن الحقيقة بكافة التوائتها وصدامتها، طريقة هي تعد الأنسب لرواية هذه القصة من حيث ضمان معرفة المشاهد لكافة الشخصيات المشاركة وخلفية كل واحدٍ منهم.
وكذلك فهم بعض الدوافع والطباعة الخاصة بالشخصيات التي تجعلهم داخل دائرة الاتهام وان كل واحد ٍمنهم مشتبهُ فيه ومن الممكن أن يتسبب في جريمة القتل بطريقة معينة خاصة به، الميزة الأخرى السيناريو وهي مستمدة من الجزء الأول وهي فكرة انه يحاول تجديد سينما الجريمة بطرق ٍ استثنائية بحق.
وتجلي ذلك من خلال تفاصيل معينة داخل القصة كتصميَم فكرة الGlass Onion على سبيل المثال ، والأجواء الغير مشددة ويعلوها التسلية والمرح طوال الساعتين من زمن الفيلم على عكس الجدية التي تتحلى بها أفلام المأخوذة عن قصص “اجاثا كريستي” مثل “Death on the Nile”، والتي لا تستطيع أن تجعل شخصيتها مقربة للمشاهدين بالدرجة التي وصلت إليها ذلك العنصر تحديداً داخل سيناريو “رايان جونسون”.
نقتطان هامتان يصبا في مصلحة السيناريو إيجابياً أيضاً متعلقين بمنطقية الاتوائات التي حدثت في النصف الثاني من الفيلم، وبدرجاتٍ كبيرة من الصدمة للمشاهد والخداع ايضاَ من ناحية ظاهرة بعض التفاصيل المتعلقة باللغز المفترض فك رموزه بالنهاية، الأمر الثاني يتمثل في ذكاء المؤلف “رايان جونسون” في طرح بعض الاسقاطات والرمزيات بصورة مباشرة وغير مباشرة في آونةٍ أخرى التي ترتبط بالواقع بصورة كبيرة، وذلك قد يجعل “جونسون” وللمرة الثانية مرشحاً في فئة السيناريو بالاوسكار هذا العام.
تميز “جونسون” ليس سرديا وقصصياً فحسب، بل هناك بعض الاسهامات الاخراجية التي تتمثل في تصميم الإنتاج لجزيرة الملياردير “مايلز برون”، والمونتاج الجيد في ربط المشاهد ببعضهم البعض وبتنقل سلس بينهم من أجل فهم حقيقة الأمور المكشوفة، و كذلك الأمر بالنسبة للاجواء العامة التي تنضبط على مستوى الكوميديا دون ابتذال، وتنم بشكل كبير عن الطابع العصري للقصة التي تم وصفه سلفاً بأنه فريد من نوعه ينعش تلك النوعية من الأفلام بصورة جديدة ومختلفة.
يتمتع فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery بفريق من الممثلين يجمع بين أصحاب الخبرة الكبيرة في العمل ب”هوليوود” مع بعض النجوم الشباب الجدد الذين فرضوا أنفسهم على الساحة كمؤديين بارعين، أفضلهم هنا بالطبع بطل العمل “دانيال كريج” في دور “بينوا بلان” الذي أخرج “كريج” فعلياً من عباءة “جيمس بوند” وأرانا نسخة مختلفة منه مرحة تعكس ذكاء الشخصية وقدرتها على مجاراة الأمور وكشف الحقيقة بكل ثقة.
هناك أيضاً ظهوز مميز للنجم البارع “إدوارد نورتون” في دور “مايلز برون” الذي للمرة الثانية يتفوق في دور الشخصية المراوغة المخادعة كمان كان الحال في فيلم” The Italian job”، بالإضافة إلى “جانيل موناي” صاحبة الأداء الجاد والمميز هنا في الفيلم، وكذلك العائدة “كيت هدسون” التي مازالت تحتفظ بكاريزماتها المرحة وتتالق في تقديمها هنا بنجاحٍ كبير.
تقييم فيلم Glass Onion: A Knives Out Mystery
في الختام، من المنتظر أن تمتد سلسلة “Knives Out” لأكثر من جزء في السنوات القادمة، ومن التوقع أن تحظى تلك الأعمال القادمة بنصيب من النجاح الكبير نظراً لوجود صانع سينما بارع مثل “رايان جونسون” قادر على تقديم القصة المناسبة بتحديات أكبر وأصعب مما يسبقها، وتتخلي بالجودة الرفيعة على مستوى الأحداث والأفكار المطروحة.