مراجعة فيلم CODA
مع شهر أغسطس تبدأ السينما العالمية بتقديم أهم إنتاجات العام فنياً المعنية بالترشح للجوائز المختلفة من أوسكار و غيره من المحافل السينمائية الكُبرى و وسط غفلة من الجميع وسط زحام من الأفلام الهامة و التجارية بأغسطس يطل علينا فيلم CODA بواحدة من أجمل التجارب السينمائية هذا العام حتى الآن.
قصة فيلم CODA :
تدور أحداث الفيلم عن روبى الطفلة التى وُهبت بنعمة السمع وسط عائلة من الصُم الذين يعملون بالصيد و مع شغفها بالغناء و الموسيقى يبدأ الصراع بين رغبتها فى الانتقال إلى عالم الموسيقى و مساعدة عائلتها فى العمل و التواصل مع الآخرين.
https://www.youtube.com/watch?v=0pmfrE1YL4I&pp=ugMICgJhchABGAE%3D
فيلم CODA هو أحد الأفلام محددة الهوية للغاية فكل مشهد أو كادر أو صورة بوستر تعبر عن محتواه و لم يكن اسم الفيلم عنصراً شاذاً عن الباقين فكلمة “CODA” هى اختصار ل “Child Of Deaf Family” أو “طفلة لعائلة صماء”.
يبدأ الفيلم بمشهد افتتاحى رائع و بسيط للغاية لكنه مُجمل لحالة الفيلم؛ يبدأ المشهد مع رجلين يقومان برفع شبكة مليئة بالأسماك و يقومون بفرزها بمساعدة مراهقة تتراقص وحيدة و تردد كلمات الأغنية التى نسمعها فى تعبير بليغ و بسيط عن مجمل قصة الفيلم و الإطار العام لحياة روبى.
على مدار الربع ساعة الأولى من الفيلم تعرفنا على شخصيات العائلة الأربعة و نمط حياة روبى و معاناتها و دخولها كورال المدرسة و الذى يبدأ الصراع الذى يقوم على أساسه الفيلم؛ مقدمة رائعة و سريعة ولكن بدون تسرع استطاعت رسم صورة كاملة لعالم روبى بخيالنا خاصة أنه عالم محدود على مستوى الشخصيات و الحيز الجغرافى فمشاهد الفيلم تدور فى أغلبها بين مركب الصيد، المدرسة، البيت، منزل معلم الموسيقى و البحيرة.
الفيلم تسير أحداثه على خطين أساسيين و متوازيين الأول هو خط حصص الموسيقى و تطور روبى من خلالها و الثانى هو خط الصيد و المشاكل التى تعانى منها عائلة روبى سواء لعدم قدرتهم على التواصل أو بسبب التضييق عليهم من قبل المسؤولين عن مزادات بيع السمك وكلا الخطين مؤثرين بشكل كبير فى الأحداث و يحدث التصادم بينهما عند عودة روبى إلى المنزل.
يُحسب للفيلم الحفاظ على الرتم بدون تسرع أو تمهل زائد فلكل مشهد قيمته و بعضها ظهر له قيمة غير متوقعة على المدى البعيد كانت ذات تأثير كبير فى صنع مشاهد خلابة ساهمت فى تحولات هامة على مدار تسلسل النهاية.
قدم الفيلم خاصة فى الفصل الأول كوميديا فعالة تميزت بالتلقائية و الفعالية الشديدة بالوقت ذاته كانت تحت رعاية والدى روبى و الفظاظة التى يتصفان بها أحياناً لتخرج بشكل يرسم الابتسامة على الوجوه دائماً.
الفصل الأخير من فيلم CODA خلاب للغاية و مثير للمشاعر دون أى محاولات رخيصة لاجترارها من المُشاهد، تسلسل مكتوب ببراعة و ملئ بالمشاهد المصممة بشكل رائع و مُنفذة كذلك بشكل ممتاز.
اقرأ أيضاً: مراجعة فيلم Sound Of Metal – الصمم .. إعاقة أم نعمة ؟
أحد أبرز إيجابيات الفيلم هى تصميم الشخصيات فبالرغم من كونها عائلة واحدة فالأفراد الأربعة مختلفة تماماً و متباينة على مستوى الصفات و الأفكار و بالرغم من ذلك لم يؤثر ذلك على تماسكهم كعائلة و لم يتسبب قط بتفككهم و هو ما تم استعراضه فى كل فرصة متاحة بشكل رائع.
فلدينا الأب رب العائلة و عائلها الذى لا يعرف شيئاً فى حياته غير الصيد، لدينا الأم التى كانت يوماً ما عارضة أزياء و قد قررت عدم التعامل مع الناس حتى لا تكون عبئاً عليهم، الأخ الأكبر الذى يعانى من معاملته كطفل و اتكال العائلة بشكل شبه كامل على روبى مما يدفعه إلى ثورات غضب أحياناً.
مستوى التجسيد كان ممتاز من الجميع سواء رباعى الأبطال أو أصحاب الأدوار الثانوية فإيميليا جونز فى دور روبى بصوتها الجميل و ملامحها الرقيقة استطاعت تقديم دورها بشكل بسيط و هادئ مع تقديم الصراع الأهم الذى تخوضه الشخصية بشكل ممتاز.
يُحسب لصناع الفيلم أيضاً اختيار ممثلين من الصم و هم تروى ماكتسور صاحب الدور الأقرب لقلبى بالفيلم و مارلى مارتلن التى فازت من قبل بالأوسكار مما جعل التعامل بلغة الاشارة طبيعى مع استخدام سرعة حركات اليد و حدتها للتعبير عن مشاعر الشخصية مما أفاد الفيلم بشكل واضح.
موسيقى الفيلم كانت هادئة و خفيفة على القلب و ندرة استخدامها رفع من قيمة ظهورها خاصة مع ضبط توقيت استخدامها عند مشاهد حادة و محورية بالفيلم.
الفيلم جميل أيضاً على مستوى الصورة فتصميم الكادرات المختلفة الداخلى منها و الخارجى كان ممتاز و دائماً ما يقدم معنى من خلفه بالإضافة لجماله و تبقى أجمل المشاهد فى المسرح.
مونتاج الفيلم كان مميز خاصة بتسلسل النهاية حيث لعب الدور الأهم بجانب تجسيد تروى كوتسور فى ذلك المشهد ليخرج المشهد بشكل يُمكن وصفه بالأيقونى.
فيلم CODA هو تجربة جميلة للغاية مليئة بالمشاعر و الدفء الأسرى الذى تعكسه عائلة روبى علينا ليأخذك فى رحلة لن تشعر بمرورها إلا مع نهايتها.
تقييم فيلم CODA هو 9.5/10 .