مقالات

صفات جعلت من محمود عبد العزيز الساحر في السينما المصرية

الساحر محمود عبد العزيز

 توارد إلى أذهان الكثيرين سبب حصول الساحر محمود عبد العزيز على هذا اللقب الذي لازمه وأجزم جمهوره على استحقاقه لذلك اللقب كأحد أهم نجوم السينما المصرية، والذي سيظل اسمه محفوراً في أذهان الكثيرين بل وحتى الأجيال الجديدة تعرفه من خلال أعماله الخالدة.

ورغم أن لقب الساحر حصل عليه مباشرة بعد فيلم ” الساحر” مع داوود عبد السيد بعام 2001، إلا أن التنقيب خلف سيرة محمود عبد العزيز الفنية يكشف إنه يستحق ذلك اللقب منذ ظهوره لتفوقه الواضح والذي يمكن أن نفنده في بعض النقاط.

صفات الساحر محمود عبد العزيز

1- التمرد

بداية محمود عبد العزيز السينمائية كانت بفيلم “الحفيد” بعد مشاركة صغيرة بمسلسل “الدوامة” مع محمود ياسين، وقد كان بالنسبة للكثيرين هو الفتى الوسيم الذي يصلح للأدوار الرومانسية اللطيفة ودور العاشق.

ورغم أن عبد العزيز ظل فترة في دائرة دور الفتر الوسيم إلا أن أحد أبز سماته إنه قرر التمرد على ذلك الدور، فلم يكن يريد أن يكون ممثل فقط لأنه وسيم الهيئة وإنما أراد أن يثبت قدراته التمثيلية والتي تفرض حبه على الجمهور وتفرض وجوده على الشاشة وليس مجرد أن يكون وسيم ليكون بطل.

محمود عبد العزيز الحفيد

ولذلك فأظهر تمرده وسعى للظهور في عدة أفلام لا تعتمد على وسامته بقدر ما تعتمد على قدراته التمثيلية وهو ما نجح فيه بعدة أفلام مثل “الأبالسة”، “المعتوه”، “الفقراء لا يدخلون الجنة”، “تزوير في أوراق رسمية”، و”العار” وغيرها.

2- القدرة على العمل الجماعي

محمود عبد العزيز امتاز بقدرة كبيرة على العمل في فريق كبير، كونه من أكثر الممثلين الذين خاضوا تجربة البطولة الجماعية في أفلامه، فهو لم يخشى المنافسة من أبناء جيله مثل “نور الشريف” و”حسين فهمي” و”أحمد زكي” وغيرهم، بل كان يظهر تقديرا لهم وكان أكثر من شارك في بطولات جماعية دون خوف من أن تطغى نجومية زملائه عليه.

الكيف محمود عبد العزيز

فشارك في أكثر من عمل ببطولة جماعية مثل “الصعاليك”، “الكيف”، “درب الهوى”، “الطوفان”، جري الوحوش”.

3- الثقة في قدراته

هي نقطة مرتبطة بسابقتها، فشجاعة محمود عبد العزيز في مشاركة أبناء جيله بطولات جماعية أقترنت بثقة كبرة في قدراته، فلم تظهر منه أي محاولة لخطف الأضواء من أحد زملائه في العمل حين يتألق.

فهو كان يمنح الفرصة لزملائه للتألق بثقة في قدراته الشخصية إنه سيتألق في مساحة الدور الخاص به دون أن يطغى على غيره، وأبرز مثال على ذلك تجلى في فيلم “العار” فقدم شخصية “عادل” التي كانت هي الأضعف بين أخواته وكان الصراع الحقيقي بين “كمال” و”شكري”.

محمود عبد العزيز العار

وكان ذلك الصراع يحتم أن تجمع مشاهد مواجهات بين “نور الشريف” و”حسين فهمي” ولم نلحظ أي محاولة من محمود عبد العزيز لخطف الكاميرا وإنما كان يترك زملائه للتألق حتى يحين دوره للتألق.

وللتأكيد على ذلك الأمر يمكن مراجعة مشهد الشجار بين “نور الشريف” و”حسين فهمي” من أجل نزول البحر في منتصف الليل لنجد محمود عبد العزيز يؤدي بإتقان دور الشقيق الخائف المتوتر وينجح في أن يوضح ذلك دون أن يطغى على زملائه أو يحاول خطف الكاميرا عنوة.

4- التلون ببراعة

يمكن القول أن محمود عبد العزيز كان كالحرباء، فأصبح يتشكل بحسب الشخصية التي يؤديها ببراعة.

وهذا الأمر منحه تنوع كبير في الأدوار، وشاهدنا أداءات مختلفة ومميزة من محمود عبد العزيز، لم يتشابه أي منها مع الأخر، حتى أدواره الرومانسية لم يؤديها بنفس الشكل، وأدوار الشر كذلك أهتم بتأديتها ولكن كانت بشكل مختلف

الحدق يفهم محمود عبد العزيز

ويمكن الإستدلال على براعة محمود عبد العزيز في التلون بشكل كبير من خلال فيلم “الحدق يفهم” فرغم عدم شهرة الفيلم الكبيرة إلا أن محمود عبد العزيز قدم أداء تدريجي من الشر إلى الخير بشكل يحسد عليه فرغم بداية الفيلم التي كانت فيها شخصيته غير محببة للمتفرج أستطاع في نهاية الفيلم الحصول ببراعة على تعاطف المشاهدين بشكل كبير.

5- الذكاء الدرامي

كانت أعمال محمود عبد العزيز الدرامية قليلة للغاية في التلفزيون، ولكن حينما تتحدث عن أحدها تجد الجميع يعرفها.

رأفت الهجان محمود عبد العزيز

فقد امتاز بذكاء كبير في إختيار أدواره التلفزيونية فقدم “رأفت الهجان” بأجزائه الثلاثة التي نجحت نجاح منقطع النظير، وقدم “محمود المصري”، “باب الخلق”، “جبل الحلال” واختتمها بـ “رأس الغول”.

وجميع تلك الأعمال أكد من خلالها محمود عبد العزيز إنه يملك ذكاء درامي في إختيار الأفضل دون النظر للمشاركة في الدراما الرمضانية كتواجد فقط، وهو ما جعل تلك الأعمال لاقت نجاح جماهيري ونقدي كبير للغاية.

6- الشجاعة

الشجاعة هي أن يتمكن الممثل من تقديم أدوار متعددة أو أدوار قد تكون سبب في كراهية الجمهور له، ولكن شجاعة محمود عبد العزيز اختلفت تمامًا.

فلم تكن شجاعة محمود عبد العزيز في إختيار الأدوار فقط، بل في إختيار الأفلام نفسها، فهو يعد من أكثر الفنانين خوضًا لأفلام الفانتازيا.

فرغم أن تلك النوعية صعبة ومخيفة للكثيرين نظراً لأن الجمهور من الممكن أن لا يستوعبها ويستسيغها بسهولة وتواجه شبح الفشل، إلا أن محمود عبد العزيز لم يخشى ذلك الأمر على الأطلاق وببراعة خاض أكثر من عمل من تلك النوعية مثل “سمك لبن تمر هندي”، “خلطبيطة”، “سيداتي أنساتي”، “السادة الرجال”.

السادة الرجال محمود عبد العزيز

ومع شجاعة محمود عبد العزيز باتت تلك الأعمال محببة للكثيرين، فحتى لو لم تحقق نجاح جماهيري كبير إلا إنها محببة للبعض ومازالت في الذاكرة ولم يتم نسيانها.

7- خفة الظل والتلقائية

أمتلك محمود عبد العزيز خفة ظل وتلقائية شديدة جعلت البض يصنفه كممثل كوميدي، رغم إنه تمرد على ذلك الأمر بأدوار جادة ولكن لمسته الكوميدية كانت دائمًا واضحة.

فقد كانت خفة ظل محمود عبد العزيز تنبع بمهارة من خلال تلقائيته فكانت كوميديا غير متكلفة أو مصطنعة ولا يبحث عن إنتزاع الضحكات من الجمهور عنوة، بل في كثير من الأحيان كانت هناك بعض الجمل العادية التي تصبح كوميديا من خلال طريقته في إلقائها.

الدنيا على جناح يمامة محمود عبد العزيز

فعلى سبيل المثال عندما تشاهد دوره في “الدنيا على جناح يمامة” فهو دور لسائق تاكسي مطحون يسعده الحظ بتواجد بلجوء مليونيرة إليه لمساعدته، ورغم أن ذلك لا يحمل الكثير من الكوميديا إلا إنه أستطاع خلق تلك الكوميديا في كثير من الأوقات ومن خلال عبارات عادية لا يقصد منها الإضحاك بل هو أداء كوميدي تلقائي.

ومشهد الغسيل الشهير في “الشقة من حق الزوجة” والذي أستطاع أن يجعله أحد أبرز المشاهد الكوميدية دون حوار يذكر على الإطلاق.

8- الإهتمام بالتفاصيل

كان محمود عبد العزيز يهتم بتفاصيل الدور بشكل واضح، فكان يحرص بشكل دائم أن يكون مظهره ملائم للدور الذي يقوم به، وذلك لا يعني حرصه على القيام بـ “نيولوك” في كل عمل، وإنما الإهتمام بأن تكون كل تفصيلة تظهر في كلمات الشخصية وملابسها ملائمة للدور.

فحينما قدم فيلم “أبو كرتونة” لم يكن على الإطلاق محمود عبد العزيز الوسيم، وإنما استطاع التحول إلى شخصية أخرى في طريقة ارتداء الملابس واختيار الكلمات وحتى تعبيرات الوجه.

أبو كرتونة محمود عبد العزيز

وحينما تشاهد فيلم “البريء” يمنحك محمود عبد العزيز تفاصيل قسوة الشخصية في كل شيء حتى في طريقة إمتطاء الخيل.

9- التأثير

أهتم محمود عبد العزيز بشكل واضح بالكثير من القضايا في أفلامه فالكثير منها اهتم بمناقشة قضية ما بشكل كامل مثل “الشقة من حق الزوجة”، أو أن تكون هناك أكثر من قضية ما داخل الأحداث كما هو الحال في “الدنيا على جناح يمامة”.

الشقة من حق الزوجة محمود عبد العزيز

لنجد أن الساحر اهتم ببعض قضايا المجتمع في أفلامه بشكل مؤثر وقوي

10- السحر

كان محمود عبد العزيز متقنًا لأدائه التمثيلي لأقصى الحدود، ففي بطولة جماعية أو في فيلم قصته ربما تكون عادية لم يكن أداء الساحر يختلف.

بل كان يضع أسلوبه على الشخصية ويمنحها كل قدراته السحرية لتعيش طويلاً مع المشاهدين ويذوب مع تفاصيلها حتى وإن كان العمل نفسه ليس على درجة عالية من الإتقان أو ينال نقد سلبي.

ابراهيم الابيض محمود عبد العزيز

كما كان الحال في فيلم “إبراهيم الأبيض” فرغم الانتقادات التي تم توجيهها للفيلم إلا أن الجميع أجتمع على أن محمود عبد العزيز قدم شخصية عبد الملك زرزور على أروع ما يكون، وإن كان الفيلم حصل على بعض النجاح فهو بسبب تواجده في الفيلم بعد أن منحه سحر الأداء الخاص به.

الكيت كات محمود عبد العزيز

وعلى جانب أخر فإن عمل قوي مثل “الكيت كات” لم يعتمد عبد العزيز فيه على قوة العمل فقط، وإنما أضاف إلى شخصية الشيخ حسني الكثير من السحر بالأداء وبعض اللحظات الكوميدية بل والإيماءات ليقدم دور لا نسى ويكون أحد أفضل من قدموا دور الكفيف في السينما المصرية.

كل تلك الصفات التي أمتلكها محمود عبد العزيز جعلته الساحر ، الذي أستطاع أن يسحر قلوب المشاهدين ويسلب عقولهم ليعلنوا دائمًا إنه سيظل أحد أبرز النجوم المصريين الذين لا يمكن نسيانهم أو نسيان تاريخهم السحري.

عادل ابو الفضل
كاتب وسيناريست ، اعمل في الوقت الحالي Content creator بدأت في مجال الكتابة بمسلسلات إذاعية ، وأذيع مسلسل 95 شارع الشهرة على راديو 95 FM ، توليت تدريب الطلاب في أحد الجامعات على الإعداد والتقديم الإذاعي ، وفي 2019 صدرت لي الرواية الأولى بعنوان "تريلو" ، كما إني أحد المشاركين في إنشاء Media production company تحت مسمى Bibars Films والمعنية بإصدار الأفلام القصيرة و الإعلانات ، والتي انتجت مسلسل قصير من تأليفي تحت اسم "واحد شبحوا" على اليوتيوب بالإضافة لكتابة العديد من المقالات السينمائية ، وكتابة العديد من البرامج على منصة اليوتيوب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *