سعاد حسني يا أكثر الموهوبين إتقانًا، وأكثر العباقرة تواضعًا، وأكثر المتواضعين عبقريةً، بوجودك ملأتي قلوب البشر بالبهجة وبغيابك ملأتيها بالحزن، يا من جعلت حياة الناس أكثر جمالًا”.. كلمات صادقة نُحتت بقلم الإنسان العظيم والفنان الكبير أحمد زكي في رثاء سندريلا الشاشة “سعاد حسني” التي رحلت عن عالمنا منذ سنوات في ظروف غامضة.. عجز العالم عن فك لغز رحيلها الشكلي، فهي غادرت بجثتها وظلت بروحها التي خلدتها أعمالها.
-ولدت سعاد حسني لعائلة فنية، فعشقت الفن منذ صغرها إلى أن اكتشفها الكاتب والمخرج عبد الرحمن الخميسي لتزين شاشة السينما لأول مرة سنة 1959 أمام محرم فؤاد في فيلم “حسن ونعيمة”، ثم وقفت أمام الفنان العالمي عمر الشريف في فيلم “إشاعة حب”.
توالت الأعمال السينمائية فتبوأت سعاد مكانة خاصة في قلوب الجماهير، إلا أنها لم تخضع لقوانين النجومية التي تفرض -غالبا- على صاحبها التعالي وتمنحه شعور التميز عن الآخرين، فكانت حياتها طبيعية كأي فتاة مصرية بسيطة، وابتعدت عن التكلف فلم يكن يميز وجودها من عدمه سوى الأضواء وكاميرات التصوير.. يروي الإعلامي الكبير مفيد فوزي أنه كان يصطحب سعاد حسني ذات مرة إلى العاصمة الأردنية عمان فلم يتعرف عليها الحاضرون المتشوقون لرؤيتها لبساطتها الشديدة، وظنوا وقتها أن وجود السندريلا مجرد إشاعة أو مقلب، حيث لم تكن ترتدي أغلى الثياب ولم تكن تتعطر بأثمن الروائح على عكس كل النجمات.
-لم تخلُ قوائم ترشيحات النقاد والمختصين لنجمة القرن العشرين الأولى من اسم سعاد حسني، وغالبا ما تنحصر المنافسة بينها وبين سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، إلا أن ما يميز سعاد عن الأخريات هو تنوع أدوارها شكلا ومضمونا حيث لم تختزل موهبتها الفذة في قالب دور أو دورين وابتعدت عن النمطية، فنجدها قدمت أفلاما كوميدية مثل إشاعة حب وللرجال فقط، وأفلاما استعراضية مثل خلي بالك من زوزو والمتوحشة، وأفلاما رومنسية مثل حب في الزنزانة والحب الضائع، وأعمالا سياسية مهمة مثل القاهرة 30 والكرنك وأهل القمة، وأخرى واقعية مثل الزوجة الثانية، وتحفا وجودية مثل الاختيار وزوجتي والكلب… مؤديةً بذلك دور البورجوازية والفلاحة والعاشقة والشقية والطفلة والمريضة نفسيا وتقمصت كذلك دور الرجل، وما خدمها في هذا التنوع أنها كانت تختزن في ذاكرتها تفاصيل وملامح وتصرفات كل شخصية تقابلها وتبادلها الحديث على أرض الواقع، لتجسدها أمام الكاميرا ببراعة شديدة وذكاء بالغ، وكان إتقانها للشخصية يفوق تصورات المؤلف والمخرج، فما تقوم به السندريلا أثناء التصوير أفضل من المرسوم في السيناريو. ولم يمنعها مستواها الدراسي المحدود من اكتساب قدر كبير من الثقافة بفضل مكتشفها عبد الرحمن الخميسي الذي كان ينصحها بمطالعة كتب يوسف السباعي.
شكلت السندريلا على مدار سنوات التألق ثنائيات لن تمحى من ذاكرة عشاقها، وقد عاصرت الجيلين؛ جيل شكري سرحان وعمر الشريف وأحمد رمزي، وجيل أحمد زكي وعادل إمام ونور الشريف الذي وصفها بكونها أهم ممثلة على الإطلاق في تاريخ فن التمثيل العربي، ويُعتبر أبرز من شاركها حياتها الفنية الدنجوان رشدي أباظة حيث قدما سويا سمفونيات سينمائية خالدة منها صغيرة على الحب والساحرة الصغيرة وأين عقلي؟ والطريق وغروب وشروق الذي حازت عن دورها فيه على عدة جوائز.
وحققت سعاد حسني نجاحا مستقلاً بذاته في الغناء، مع أنها لم تحترفه مُكتفيةً بالأغاني التي قدمتها في بعض أفلامها الاستعراضية، فمن منا لا يدندن مع الأغنية الخالدة “يا واد يا تقيل” عندما تداعب أذنيه ! ومن لم تُمتعه عذوبة صوتها في أغنية “أنا لسة صغيرة” التي أدتها على نغمات أخيها عز الدين حسني في فيلم “صغيرة على الحب”، فضلا عن إحساسها الصادق في أغنية “بانوا بانوا على أصلكو بانوا”.. وبالرغم من قيمتها الفنية الكبيرة وأدوارها المهمة؛ فقد استقرت السندريلا في لاوعي الجمهور في صورة تلك الفتاة “الحلوة والشقية” التي عشقها حسن يوسف ووقع في غرامها حسين فهمي.
وحققت سعاد حسني نجاحا مستقلاً بذاته في الغناء، مع أنها لم تحترفه مُكتفيةً بالأغاني التي قدمتها في بعض أفلامها الاستعراضية، فمن منا لا يدندن مع الأغنية الخالدة “يا واد يا تقيل” عندما تداعب أذنيه ! ومن لم تُمتعه عذوبة صوتها في أغنية “أنا لسة صغيرة” التي أدتها على نغمات أخيها عز الدين حسني في فيلم “صغيرة على الحب”، فضلا عن إحساسها الصادق في أغنية “بانوا بانوا على أصلكو بانوا”.. وبالرغم من قيمتها الفنية الكبيرة وأدوارها المهمة؛ فقد استقرت السندريلا في لاوعي الجمهور في صورة تلك الفتاة “الحلوة والشقية” التي عشقها حسن يوسف ووقع في غرامها حسين فهمي.
جمال رباني، موهبة جبارة، تواضع العشب… هي إذا صفات لا تجتمع إلا في سعاد حسني التي تظل كلماتي وكل الكلمات التي قيلت فيها قاصرة عن وصفها.
إن المتعمق في حياة السندريلا يدرك أنها تحب الحياة بالرغم من معاناتها في آخر سنيها بسبب مرضها وفشل أفلامها الأخيرة جماهيريا، وإذا كانت قُتلت فالأكيد أن مرتكب الجريمة كان أعمى وأصم، كيف لا وهو اغتال موهبة لم تُخلق مثيلتها.
صدق صلاح جاهين عندما قال عنها في بداياتها “البنت دي هتبقى أخطر فنانة في مصر”، وصدقت هي لما غنت في إذاعة بابا شارو وهي طفلة “أنا سعاد أخت القمر بين العباد حسني اشتهر”.