الكثير من الأعمال الدرامية صاحبة المشاهدات العالية، حينما تنتهي يصاحبها حالة من اللغط بشأن نهايتها ما بين رافضين لها وأخرين مؤيدين لها، وبما يصنف البعض العمل إنه سيئ إذا لم تكن النهاية مرضية لطموحاته أو يصفه أن صناعه فشلوا في صناعة نهاية تليق به مثلما حدث مع نهاية game of thrones الذي رغم نجاحه الكبير إلا أن نهايته صدمت الكثيرين بشكل كبير ولم تكن مرضية لهم.
ومع اقتراب نهاية المسلسل الاسباني La casa de papel الذي استطاع أن يكون بداية تعلق الجماهير العربية بالدراما الإسبانية، ظهرت تخوفات أن تكون النهاية ضعيفة وغير مرضية كما هو الحال مع معظم المسلسلات الناجحة.
خاصة وأن المسلسل حينما حقق مشاهدات عالية على منصة نتفلكس كواحد من أفضل إنتاجات المنصة بعد موسمه الثاني والذي كان من المفترض أن يكون الأخير تم تجديده لمواسم أخرى ليتهمه الكثيرين إنه وصل لمرحلة المط، وكثيراً ما تفشل أعمال نتيجة ذلك الأمر، ولكن المسلسل الإسباني استطاع ببراعة الهرب من ذلك الأمر في كثير من الأوقات، ورغم بعض الاعتراضات من جانب الجمهور على أجزاء من الأحداث من جهة وعلى محاولة استثمار نجاح العمل بوصوله لموسم خامس من جهة أخرى إلا أن ذلك لا ينفي أن العمل استطاع النجاح حتى موسمه الأخير.
قصة الموسم الأخير من La casa de papel
تواصل أحداث الجزء الثاني من الموسم الخامس رحلة سرقة ذهب بنك اسبانيا، ولكن الأمور بدأت في الخروج عن سيطرة البروفيسور بالخارج ومن العصابة داخل البنك ليواجهوا خطر الفشل والوقوع في قبضة الشرطة، بالإضافة لمحاولات من جانب أحد أفراد فريق الشرطة لإظهار العصابة بمظهر شيطاني من أجل الخلاص منهم تمامًا.
السيناريو:
مع استكمال الأحداث السابقة سارت الأحداث بشكل سريع منذ الدقائق الأولى فنحن في منتصف قصة وحدث قوي انتهى به الجزء الاول من الموسم الخامس، وهو ما جعل المشاهد يدخل سريعًا في الأحداث وهو ما كان أمر طبيعي.
ولكن السيناريو في ذلك الجزء الذي كان متممًا للمسلسل استطاع أن يتحاشى جميع الأخطاء السابقة وأعتمد على أن يسير بشكل منطقي نحو النهاية منذ اللحظات الأولى، فيبدو أن الخوف من تقديم نهاية مخيبة للآمال جعل السيناريو في الحلقات الأخيرة يظهر في أفضل صورة
فالأحداث كانت تسير على ثلاثة محاور مختلفة، وضع العصابة داخل البنك، محاولة الشرطة للسيطرة على البنك، ومحاولة البروفيسور لإستعادة السيطرة على الأمور، وكان جميعهم يسيرون بشكل منطقي.
فتحولات الشخصيات وانتماءاتها وأفكارها كان يأتي بشكل منطقي تبعًا للأحداث التي يتعرضوا لها دون أن يكون ذلك من أجل سير الأحداث، فتطور العلاقة بين البروفيسور وأليثيا كان منطقي نظراً لما مروا به سويًا وبالتالي فإن الأحداث التي جمعت بينهم ظهرت منطقية وفقًا لتطور تلك العلاقة، وكذلك تطور العلاقات بين أفراد العصابة ويحسب للسيناريو إنه لم يطل الأمر في الجانب الدرامي بشكل غير مبرر خاصة وإنه من غير المنطقي أن تكون الأحداث في أوج الاشتعال ويتشاجر أفراد العصابة بشكل هزلي، وكان الخط الدرامي الأوحد هو بين دينفر وستوكهولم وتم توظيفه بشكل جيد من أجل تخفيف وطأة الأحداث.
السيناريو استطاع الأستفادة من أقوى نقاط المسلسل والتي ساهمت في نجاحه في أول موسمين، فمنذ انطلاق الحلقة السادسة وصولاً للنهاية تم الإستغناء عن مشاهد الأكشن، وعاد العمل مرة أخرى إلى ألعاب العقل والذكاء والتي كانت من أكبر عوامل الجذب للمسلسل، وتم الإعتماد عليها بنجاح مع خروج الأمور عن السيطرة من جانب البروفيسور ولكن مازال الإعتماد على الذكاء والحيلة متواجد هو ما جعل ذلك الجزء ممتعًا للغاية.
مراجعة مسلسل la casa de papel 5 .. السرقة الأعظم في التاريخ
مشاهد الفلاش باك تم توظيفها تلك المرة بشكل جيد، حيث كانت مؤثرة في معرفة بعض جوانب شخصية البروفيسور وبعضها في برلين والتي كانت تفسير لما يقوموا به، وكذلك علاقة البروفيسور بطوكيو، ولكن دون الإطالة في ذلك وهو ما كان ذكاء من كاتبي السيناريو.
كما أن أحد جوانب الفلاش باك التي كان وجودها غامضًا في البداية تم الاستعانة بها على أفضل وجه لتكون مؤثرة في الأحداث الجارية للعصابة وخلق عقدة جديدة.
تسلسل النهاية كان جيد للغاية وموفق لأقصى درجة خاصة مع استعمال ألعاب العقل والذكاء فيه والتوجه نحو النهاية التي لم يتوقعها الجمهور، ورغم التسرع في أحد عناصر ذلك التسلسل إلا أن ذلك لم يؤثر على كون النهاية موفقة.
الأداء التمثيلي:
رغم سرعة الأحداث إلا أن الكثير من الشخصيات استطاعوا تقديم أداءات مميزة، فجانب الشرطة كان الأداء لأصحابه متناغم بين كونه مستفز ويدفعك في الكثير من الوقت للتعاطف مع جانب الشرطة كجانب يحاول الحفاظ على البلاد من سرقة البنك واحتياطي الذهب، وظهر ذلك عبر أحد المشاهد التي حملت مواجهة كلامية بين فرد من العصابة وأحد جوانب الشرطة، وحملت أداء تمثيلي جيد.
وعلى جانب العصابة كانت الأداءات جيدة كالعادة، ولكن بالنسبة لـ Álvaro Morte بدور البروفيسور فكان الأداء أفضل كثيراً فرسم الشخصية كان مختلف بإظهار جوانب أخرى فلم نرى البروفيسور الهاديء دائمًا الواثق بل رأينا فشله وسقوطه في فوهة الإحباط وهي جوانب لم تظهر من قبل لنجد شخصية نتفاعل مع انفعالاتها واحساسها بالمرارة والفشل ومحاولاتها للنجاح واستعادة السيطرة.
وجاء أداء البروفيسور رائع وحمل تناغم وكيمياء مع أليثيا التي قامت بدورها Najwa Nimri وكانت مشاهدهم معًا دائماً مميزة وكذلك تحولات شخصية أليثيا جعلها تقدم أداء مميز خاصة في أحد مشاهدها مع البروفيسور.
الإخراج:
مع إختفاء الأكشن في تلك المرحلة كان الاعتماد الأكبر على توظيف الكاميرا لتظهر انفعالات الجميع وتجعل المشاهد يعيش بنفس أجواء التوتر والترقب.
وتم تنفيذ ذلك بنجاح ودقة فالإخراج استطاع دفع المشاهد نحو القلق والتوتر المصاحب لأبطال العمل وكذلك لحظات سعادتهم أيضًا.
وعلى الجانب الأخر بالنسبة للشرطة كان نفس الأمر واضحًا بإظهار انفعالات الشرطة ومحاولات السيطرة على الأمور.
وكان اختيار أماكن التصوير منعش للغاية في الكثير من المشاهد وساهمت في تخفيف حدة الأحداث بصورة منعشة وجميلة.
التقييم النهائي:
استطاع المسلسل رغم السرعة الفائقة في الأحداث الأخيرة الحفاظ على كل ما جعله ناجحًا من قبل ليختتم العمل على أفضل صورة ممكنة بتقييم 10\10 للموسم الأخير ككل، ليكون خير ختام لعمل إسباني مميز استطاع النجاح والنجاة من فخ النهايات السيئة بصنع نهاية مرضية ومنطقية ستجعل المسلسل عالقًا في أذهان محبيه.
1 Comment