مقارنةً بالأعوام السابقة، جائت نتائج حفل أوسكار 2022 مرضية بشكلٍ كبير و بإستحقاق بعض الأعمال للجوائز في الفئات التي تميزت من خلالها علي نحوٍ ملحوظ ، ويبقي أكثر جائزة إسعاداً للجميع هو فوز فيلم “Coda” بثلاث جوائز عن التمثيل في دور مساعد والسيناريو المقتبس وأفضل فيلم عن عام 2021، وهذه التكريمات هيا بلا أدني شك إنتصار للإنسانية علي تداعيات كثيرة تخللت الأوسكار في الأونة الأخيرة وأبرزها تدخل السياسة ولون البشرة والعرق والتحركات الثورية وغيرهم من أجل تفضيل فئاتٍ معينة علي حساب من هم جديرين بالفوز نظير تميزهم.
فلمن لم يشاهد فيلم “Coda” بعد، فهو توليفة سينمائية تقدم تحيةٍ كبيرة لمن لم يقدر لهم التنعم بنعمة السمع، و ترثي حكاية مؤثرة درامياً عن حياة هؤلاء البشر وتفاعلهم مع بعضهم البعض ومع العالم من حولهم، بالإضافة إلي أنها قصة عن الطموح والحب والعائلة وغيرها من المفردات التي تشكلت مع بعضها البعض في عملٍ متكامل وملهم للكثيرين، وكذلك التعمق أكثر فأكثر في حياة المهمشين من الناس و تقديمهم للعالم بصورةٍ قوية ومتدفقة في المشاعر والجمالية.
وتجلي ذلك أيضاً وقت إعلان فوز الممثل “تروي كوتسر” بجائزة أفضل ممثل في دور مساعد، ونال بخطابه المؤثر تفاعل الحاضرين والجمهور لدرجة أن البعض أجهش بالبكاء نتيجة السعادة الغامرة بإنتصار إرادة هذا الرجل الذي قدر له الحياة بإعاقةٍ ما علي الصعاب التي واجهها، وتمكن من دخول التاريخ كثاني ممثل أصم يفوز بجائزة الأوسكار عن جدارة وإستحقاق بعد زميلته في الفيلم “مارلين ماتلين” التي فازت هي الأخري بالجائزة من قبل في عام 1986 عن فيلم “children of a lesser god”.
مراجعة فيلم CODA – ما بين العائلة و الشغف
نظرة علي حفل أوسكار 2022
أيضاً من مفارقات حفل أوسكار 2022 هو التأكيد علي أن صاحب الترشيحات الكثيرة ليس بالضرورة أن يفوز بجوائظ كثيرة، وهذا الأمر ينطبق بكل تأكيد علي فيلم “The Power of the Dog” الذي لم ينال سوء جائزة واحدة وهي مستحقة بكل تأكيد عن الإخراج ل”جاين كامبيون”، كما أن هناك إستحقاق كبير لفيلم “Dune” بالست الجوائز الذي فاز بهم و جميعهم من الناحية التقنية، وأهمم بالطبع فوز الملحن الكبير “هانز زيمر” بجائزة الموسيقي التصويرية ، وبالرغم من ذلك يبقي مثيراً للغرابة هو عدم ترشح المخرج الكندي الفرنسي “دينيي فيلنوف” لجائزة الإخراج علي الرغم من فوز الفيلم بكل هذه الجوائز التي لم ينالها إلا نتيجة مجهودات ورؤية “فيلنوف” المثالية لعالم “Dune”.
يبقي أكثر فئة أثارت النقاشات داخل الوسط الجماهيري نتيجة عدم ثبات موسم الجوائز علي مرشحٍ معين من المحتمل أن يفوز بنسبةٍ كبيرة هي فئة الممثلة في دور رئيسي، فكانن هناك حيرةٍ كبيرة عن ما إذا أحداً من “نيكول كيدمان” أو “جيسيكا شاستين” أو “كريستين ستيوارت” سيفوز بالجائزة نظراً لتميز الثلاثي في الأدوار التي قدموها في الأفلام مما يعزز صعوبة الإختيار والإستقرار علي أحدٍ معين، ولكن في الأخير فازت “جيسيكا شاستين” عن دورها في فيلم “The Eyes of Tammy Faye” وهي تستحق بكل تأكيد دون التقليل من شأن الأخرين الذين كانوا منافسين حقيقين ل”شاستين” حتي اللحظات الأخيرة.
فيما يخص حفل أوسكار 2022 بشكلٍ عام، فهو يمكن تقييمه بالمتوسط ليس بالسئ أو المثالي، فمقدمي الحفل “واندا سايكس” و “ريجينا هال” و”إيمي شومر” نجحا إلي حدٍ ما في تقديم الجزء الترفيهي وإضحاك الحاضرين، ويبقي أفضلهم بكل تأكيد هي “واندا سايكس” التي تتمتع بطريقة إلقاء للكلام خفيفة الظل بإستثناء موقفٍ وحيد مثير للإحراج ولم يكن موفق علي الإطلاق يخص نجوم فيلم “The Power of the Dog” الزوجين “كريستين دانست” و”جيسي بليمونز”، أما فيما يخص عرض بعض الجوائز خلال الفواصل الإعلانية، فهي أمر مقبولٍ إلي حدٍ كبير، وإن كان من الأفضل عمل بعض التبديلات في المرات القادمة من أجل تقديم جوائز المونتاج والتصوير والموسيقي التصويرية داخل الحفل نفسه وليس من خلال لقطاتٍ سريعة عنه.
ونختتم مقال حفل أوسكار 2022 بالحديث عن الواقعة التي تصدرت التريند وأفسدت السعادة بالتوقعات الصحيحة وببعض أجواء الحفل، وهي لكم النجم “ويل سميث” الفائز بجايزة أوسكار التمثيل عن فيلم “King Richard” للممثل الكوميدي “كريس روك” أثناء تقديم الأخير لفقرة إعلان الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي، وذلك لأن “روك” قام بإلقاء بعض النكات السخيفة عن “جادا سميث” زوجة “ويل سميث” المصابة بأحد الأمراض النادرة التي جعلتها صلعاء، فقام الأخير بتوجيه لكمة ل”كريس روك” وشتمه بألفاظ نابية علي مرئي ومسمع من الحاضرين بالحفل.
ذلك التصرف من وجهة نظر شخصية خاطئ بكل تأكيد ، لأنه لابد من ضبط النفس وعدم اللجوء للعنف وسيلة من أجل الرد علي إستفزازات الأخرين ، لأن ذلك يشوه بكل تأكيد من صورة صاحب المشكلة ويجعله عرضة للإنتقادات نتيجة عدم إمتلاكه لإنضباط النفس والرد علي مثل هذه الأمور بطريقةٍ سليمة، فكان من الأفضل أن يقوم “ويل سميث” عقب إعلان فوزه بالجائزة أن يرد علي “كريس روك” بطريقة تشعره بالإحراج.
وينال أيضاً من خلالها إحترام الجميع بصورةٍ حضارية جميلة أثناء لحظة فوزه بالأوسكار المنتظرة منذ فترةٍ طويلة، فذلك قد يهدد مسيرة “ويل سميث” في ظل صدور بيان من الأكاديمية يدين “سميث” مع إحتمالية صدور قراراتٍ لاحقة قد تنقص من أهمية “سميث” كنجم سينمائي كبير ويحظي بشعبية عارمة علي مستوي العالم.
وفي الختام، ينتهي موسم 2021 السينمائي بطريقة مؤسفة للغاية قد تضيف لقائمة المنبوذين في “هوليوود” إسماً كبيراً علي الرغم من أن رصيدها الكبير من الأعمال الفنية سيضاف إليه عملاً بديعاً في كل تفاصيله وهو فيلم “Coda” الأفضل في سنته بشهادة الجميع من نقاد ومشاهدين.