مراجعات

الشتاء انتهي بكارثة ولكنها لن تقلل أبداً من قيمة صراع العروش

مراجعة صراع العروش

انطباعي عن الموسم الثامن بالكامل من مسلسل صراع العروش Game of thrones – الشتاء انتهي بكارثة ولكنها لن تقلل أبداً من قيمة الصراع

مراجعة صراع العروش

تنبيه:- هناك حرق للأحداث

انتهي الشتاء أخيراً، وانتهت معه رحلتنا التي دامت ثمان سنوات داخل عالم Game of thrones، عالم خيالي عظيم مليء بالعديد من الشخصيات الرائعة التي تعلقنا بهم طوال رحلتهم منهم من بقي ومنهم من حزنا وتأثرناً برحيلهم، عالم مليء بالمعارك العظيمة التي ليس لها مثيل، عالم غني بالصدمات والمفاجأت والصراعات السياسية علي السلطة والانتقام، مرت ثمان سنوات وكأنها لحظة، وعلي الرغم من أن الموسم الثامن كان سيئاً للغاية ولكنه لن يقلل أبداً من قيمة Got (نقطة).

اقرأ ايضاً : اعمال اخرى لأبطال مسلسل صراع العروش

انتهي الموسم السابع بتجمع جيش النايت كينج في مشهد مهيب أمام السور ثم يأتي النايت كينج علي ظهر التنين ليدمر السور الذي صمد لمدة ثمانية آلاف سنة، ويحل الشتاء أخيراً، مشهد رائع جداً تركنا علي أحر من الجمر لمدة سنتين في انتظار المعركة بين الأحياء والأموات.

تم الاعلان بعد ذلك أن الموسم الثامن والأخير سوف يتكون من ست حلقات، وهو القرار الذي لا أستطيع استيعابه حتي الآن، كيف فكر صناع العمل أن بإمكانهم انهاء سبع مواسم في ست حلقات فقط حتي لو كانت أطول مدة مقارنةً بحلقات المواسم السابقة؟!!، ناهيك عن كون المسلسل Game of thrones والذي يمتلك شخصيات مهولة ومحاور تحتاج إلي أجزاء من أجل تناولها وليس مجرد ست حلقات، وحتي عندما بدأ الموسم الثامن تم استهلاك حلقتين من أصل ستة في التمهيد فقط، أين كانت عقول صناع المسلسل؟!! هل ظنوا حقاً أن بأمكانهم تناول المعركة بين الأحياء والأموات والصراع علي العرش ناهيك عن العديد من المحاور الفرعية في أربع حلقات فقط ويخرج الموسم الثامن بمستوي رائع يزين خاتمة المسلسل الأعظم في التاريخ بالنسبة لي؟!!

 

أنا لست معترض علي أغلب نهايات الشخصيات بل الكيفية والوسيلة والطريق الذي تم سلكه من أجل الوصول إلي هذه النهايات، طريق تم فيه ضرب المنطق عرض الحائط والتخلي عن العديد من الخطوط والمحاور التي استهلك تكوينهم عدد من الحلقات في الموسم السابقة ناهيك عن الاستسهال في الوصول إلي هذه النهايات، فالكتاب ليس عندهم مشكلة في جعل الشخصيات تتصرف عكس طبيعتها التي تعودنا عليها أو التطورات التي مرت بها، وأيضاً مشاهد نهايات الشخصيات الشريرة كانت ساذجة جدا ومحبطة تنم عن كروتة واستعجال من أجل انهاء المسلسل بأسرع وقت ولم الليلة.

(بعتذر علي الاطالة وهيا لنبدأ في تفاصيل الحلقات)

يمكن وصف الحلقتين الأولي والثانية بأنهما الهدوء قبل العاصفة، حيث تم التمهيد بشكل للمعركة المنتظرة وأيضاً قدمت لنا العديد من المقابلات المنتظرة وخصوصاً مقابلة جيمي وبران ومقابلة أريا وجون، وبديهياً الحلقتين خاليتين من أي معارك وأحداث مشوقة فمعركة بهذا الحجم تلزم وقتاً طويلاً من أجل التحضير لها علي المستوي التكتيكي واستعدادات الشمال لمواجهة العدو الزاحف، وكيف سيتعاون الحلفاء فيما بينهم، فكيف سيتقبل الشمال وخصوصاً سانسا والتي ترغب في الاستقلال بوينترفل وجود دينيريس، فهم لم يرسلوا جون إليها ليعود بها ملكةً للشمال، وركز الفيلم علي شعور الشمال تجاه دينيريس والتي بدت أنها غير مرحبةً بها هنا تماماً، كما جمع مشهد بين دينيريس وسانسا تحاول فيه دينيريس كسب سانسا في صفها، الحوار كان حاضراً بقوة وخصوصاً في مشاهد الثنائيات، كما كان هناك بعض الكوميديا من تورموند الذي كان فاكهة الموسم الثامن من أجل تخفيف التوتر المسيطر علي الجو العام للحلقتين، كل شيء كان جميل جداً في أول حلقتين، لم يتم تفويت أي تفصيلة تخص الشخصيات حتي أنهم انتقلوا إلي كينجز لاندينج لابراز رد فعل سيرسي علي رحيل شقيقها وحبيبها جيمي إلي الشمال للمقاتلة في صف جيش الأحياء، وقامت باعطاء براون ذهب من أجل التخلص منه، ولم يعجبني في الحلقتين سوي مشهدين، مشهد محاكمة جيمي، ومشهد اخبار جون اصله التارجرين لدينيريس، فقد كنت أنتظر مشاهد أقوي من هذه.

حانت الآن المعركة بين الأحياء والأموات والتي طال انتظارها كثيراً، وزاد من لهفتنا لمشاهدة هذه المعركة أنها ستكون المعركة الأطول في التاريخ بمدة ساعة و22 دقيقة، ومن باب العلم استغرق تصويرها 11 أسبوعاً، كانت المعركة عظيمة جداً علي مستوي السينماتوجرافي ومليئة بالعديد من المشاهد الحابسة للأنفاس التي شعرنا بالقلق خلالها علي شخصياتنا المفضلة، أما علي مستوي التفاصيل فقد كانت مليئة بالعديد من الهفوات واللامنطقية من أجل خلق مشاهد قوية تعلق بذاكرة المشاهد أو لمجرد خلق بعض التوتر والقلق والأسوأ لمحاولة انهاء هذا الخط الرئيسي الذي تم التمهيد له لمدة سبع مواسم بسرعة في حلقة واحدة من أجل الانتقال إلي محور الصراع علي العرش، مشهد جون سنو عندما كان خلف الصخرة والتنين ينفث النار هل من المعقول أن التنين لا يستطيع تحطيم صخرة؟!! والأسوأ أن التنين في الحلقة الخامسة والتي سنتحدث عنها فيما بعد طار يدمر ويحرق كل شيء المنازل والأسطول بسهولة كبيرة للغاية، كيف أتت ميليساندرا إلي وينترفل وجيوش النايت كينج تحاصرها؟!، مشهد مهاجمة جيوش الدوثراكي لجيش النايت كينج أحمق للغاية وغير مبرر؟! هل يتوقع الأحياء مثلاً هزيمة الدوثراكي لجيش النايت كينج وانهاء المعركة سريعاً؟! أعلم أن غرض الكتاب محاولة اظهار قوة جيش النايت كينج ولكننا نعلم قوته مسبقاً ولا نحتاج منكم أن ترينا ذلك أو إلي التضحية بالدوثراكي الذين يعتبرون من أقوي المقاتلين وأشرسهم، مشهد قتل النايت كينج كان ساذجاً للغاية، طوال الحلقة يقوم بمنع المقاتلين من الوصول إليه ثم وفجأة يذهب إلي بران برفقة أعوان فقط والذين لم يكن لهم أي فائدة تذكر حيث اكتفوا بالمشاهدة فقط ثم تأتي أريا وبكل سهولة من خلفهم لتنقض عليه، حقاً هل هذه هي طريقة الموت التي تليق بالنايت كينج، أنا لا أعترض علي أريا فقد تم تكوين شخصيتها علي أنها محاربة قوية جداً ولكن لم يكلف الكتاب أنفسهم عناء كتابة طريقة موت تليق بالنايت كينج، وهناك أيضاً الموسيقي التصويرية كانت رهيبة جداً ومؤثرة وبالنسبة لي أجمل موسيقي تصويرية سمعتها في مسلسل GOT، أفضل شخصية تم انهاءها الأرك خاصتها هي وبلا شك شخصية ثيون، تلك الشخصية التي مرت بصراع نفسي حول الانتماء والأصل والعائلة وقام بارتكاب فظائع من أجل تحسين صورته أمام عائلته الحقيقية، ثم مر بالعديد من التجارب التي طورت شخصيته وجعلته واحداً من أفضل 5 شخصيات بالنسبة لي في GOT، أما عن أجمل مشاهد الحلقة فكانت المعركة بين التنانين في سماء وينترفل، مشهد عظيم جداً وأسطوري قلما نري مثله.

تنوعت أجواء الحلقة الرابعة بين مظاهر الحزن علي الأشخاص الذين تم فقدهم في معركة الليل الطويل، ومظاهر الفرح والاحتفالات بسبب الانتصار في الحرب وابادة العدو الأكبر الذي كان يهدد بقاء البشرية، وبعد انتهاء الشتاء أخيراً وللأبد تبقت حرب واحدة، صراع واحد يفصلنا علي نهاية GOT، الحرب بين دينيريس وسيرسي من أجل العرش، وتم التمهيد لهذا الصراع في هذه الحلقة ومعركة مبدئية كارثية في الربع الأخير من الحلقة، علي الرغم من أن دينيريس فقدت نصف جيشها وبقية الجيش منهك للغاية إلا أنها تريد الذهاب علي الفور لمحاربة سيرسي، وبالفعل تذهب لمحاربة سيرسي إلا أن أسطول يورن غريجوي كان لها بالمرصاد، وتمكن من ردعها مؤقتاً وقتل أحد تنانينها وتدمير أسطولها وأثر ميساندي، وحرفياً تم قتل المنطق تماماً في هذه المعركة المبدئية، كيف لم تري دينيريس التي كانت علي ظهر التنين سفن يورن غريجوي؟!!، وبعدما قتل الأسطول التنين الأول من بعيد كيف لم يتمكن من قتل التنين الثاني عندما اقتربت منهم دينيريس به؟!! الاجابة المنطقية الكتاب والمخرج عايزين كده، ولماذا ميساندي هي الوحيدة التي تم أثرها بعد تدمير أسطول دينيريس؟!!، ولا ننسي بالطبع المشهد الكوميدي لجيش دينيريس الهزيل الواقف أمام الكينجز لاندينج ومحاولة اقناع سيرسي بالاستسلام خوفاً علي حياتها وحياة طفلها، الوصف الأمثل للحلقة الرابعة بأنها كانت بداية الانهيار التام للموسم الثامن.

أحاول تذكر أي ميزة للحلقة الخامسة ولكني لا أجد سوي الشيئين المعتادين طوال هذا الموسم، السينماتوجرافي الأسطورية التي قدمها لنا الرائع ميغيل سابوشنيك، وبالمناسبة هو مخرج المعركتين المفضلين لدي معركة اللقطاء وهاردهوم، وواصل التألق في الموسم الثامن ولكن تدني مستوي الكتابة ظلمه للغاية، الشيء الثاني الموسيقي التصويرية للمبدع رامين جوادي، قدم رامين طوال المواسم تحف موسيقية سكنت قلوبنا مثل ضوء الممالك السبع وموسيقي عائلة اللانستر، وفي الموسم الثامن قدم أجمل موسيقي بالنسبة لي في GOT موسيقي النايت كينج في الحلقة الثالثة، والدمج الرائع والجميل المليء بالمشاعر والحنين والنوستاليجا بين موسيقي ضوء الممالك السبع واللانستر المصاحبة لنهاية قصة حب سيرسي وجيمي ويمكن القول نهاية عائلة اللانستر الشريرة العظيمة التي أبهرتنا طيلة المسلسل، أما عن تفاصيل الحلقة فلا يوجد معركة، تحولت دينيريس إلي ملكة مجنونة واستخدمت تنينها لحرق الكينجز لاندينج بالكامل غير آبهة للناس الأبرياء، تحول غير مبرر بالكامل وغير مقبول، أعلم أنها تعرضت لضغط نفسي كبير فقد فقدت عدد كبير من جيشها وفقدت اثنين من تنانينها وأصبح حبيبها جون سنو منافسا لها علي العرش حتي لو لم يرده وخانها أحد أقرب مساعديها لورد فاريس وقُطعت رأس رفيقة رحلتها ميساندي، ولكن كل هذا لا يبرر الجنون التام لها وحرق الناس الأبرياء، في رأيي هذا التحول كان يحتاج لأجزاء وليس ست حلقات، ما هي الداعي للمواجهة التي حصلت يورون وجيمي؟!! مواجهة ليس لها أي مبرر فليس هناك أي تاريخ بين الشخصيتين يدفعنا للاهتمام بهذه المعركة والتفاعل معها، حتي الحوار بينهما وصل إلي قمة السذاجة والغباء والكوميديا، أما النهايات فقد كانت نهاية شخصية فاريس جميلة جداً، مات وهو يدافع عن حقوق عامة الشعب حتي النهاية، ساندور كليجان مات وهو يواجه أكبر مخاوفه، علي النقيض نهاية شخصيتي جيمي وسيرسي سيئة تم تدمير كافة التطورات التي حدثت لشخصية جيمي أما سيرسي فكانت تستحق ميتة افضل من هذا.

نصل إلي الحلقة السادسة والأخيرة من الموسم الثامن والأخير من مسلسل Game of thrones، لم أتخيل أنني سأشاهد نهاية مسلسلي المفضل بهذا البرود والفتور!!، لم أتخيل أنني سأشاهد حلقة بهذا السوء في عالم GOT!!، نفس العيوب نفس الكوارث، تصرفات الشخصيات منافية لطبيعتها، جون سنو الشخص المثالي المدافع عن الأبرياء يحتاج إلي حث ودفع من تيريون ليتيقن بأن دينيريس ليست ملكة صالحة ويجب التخلص منها!! ألم يري بما فيه كفاية علي أرض المعركة؟!! ألم يكتفوا من تشويه هذه الشخصية؟!! علي الرغم من عدم حبي لهذه الشخصية الا أنها قطعت شوطاً كبيراً وخاضت العديد من الصراعات وقامت بالعديد من التضحيات، كيف يعاملوا الكتاب هذه الشخصية بهذه الطريقة ويجعلوه خاضعاً لدينيريس بهذا الشكل، أضاعوا هيبته وجعلوه عبارة عن بغبغاء لا يعرف سوي جملتين نحن نحتاج حلفاء وأنت ملكتي، حتي نهاية الشخصية تقررت في مشهد هزلي للغاية من مجلس هزلي وبحوار هزلي، حتي المحور المثير للاهتمام في شخصيته في هذا الموسم وهو أصله تم التخلي عنه، تيريون هو الآخر ما هذه الأفعال الغبية التي يقوم بها الواحد تلو الآخر أليس من المفترض أنه من أذكي شخصيات المسلسل؟!!، جري وورم الذي فعل كل شيء طلبته منه ملكته لماذا لم يقتل جون؟!، موت الشخصيات الشريرة يتم بسهولة وبطريقة لا تليق بهم، عندما تقارن نهايات الشخصيات الشريرة مثل رامزي وجوفري وليتل فينجر في المواسم السابقة ونهايات النايت كينج وسيرسي ودينيريس في هذا الموسم تكون النتيجة شعورك بالغثيان.

وفي النهاية بينما كان يتفنن ميغيل سابوشنيك ورامين جوادي في تقديم لوح فنية وتحف موسيقية، كان الكتاب يتفنون في تدمير هذا العمل العظيم، وقدموا دروساً مثالية في كيفية تخريب شيء جميل، وبالنسبة لي سوف أنسي أنني شاهدت هذا الموسم وسيظل جوت مسلسلي المفضل، فلا يوجد مسلسل سيقدم لي معركتين مثل اللقطاء وهاردهوم أو مشهد كانتقام سيرسي علي ألحان ضوء الممالك السبع، وأخيراً انتهي الشتاء بكارثة ولكنه لن يقلل أبداً من قيمة GOT.

محمد عرفان (Arf Ofy)
السينما هى كيفية أن تعيش أكثر من حياة .. حياة جديدة مع كل فيلم تشاهده .. وهدفي هو ترشيح أفلام جيدة ومختلفة تحترم عقليتك كمشاهد .. وتسحبك معها إلي عالمها المليء بالسحر والأفكار والمشاعر كي تعيش تجربة لا تُنسي تنغمس فيها بكل حواسك.