(في الشخص ، في الأدب ، في الاسلوب ، في كل شيء ، التفوق الأسمى هو البساطة.)
•هنري وادزورث لونغفيلو•
«تقبل ببساطة كل شيء يحدث لك».تلك هي الجمله الافتتاحيه لتحفة الكوين والتي ستحل لك كل معضلة في الفيلم حتى لو لم تفهمها:
لماذا عندما يصدمنا القدر نتسأل عن السبب ولا نبحث عن الطريق للعبور.ما الذي ستفيده كلمة لماذا في تحديد أفعالنا.لماذا نحن لا نوقن بأن ما حدث قد حدث ولكننا نخنق بواسطة حبل نحن الذي وضعناه على أعناقنا ونجعلها أضيق وأضيق ثم نصل إلى مرحلةٍ من اليأس المثير للشفقه الذي يقودنا للوم الإله وأنت حتى لم تحاول بذل مجهود حقيقي للصعود..قبل ان تفكر بما فعله فيك الإله فكر كيف تتجاوز تلك الحفرة..حسنا بغض النظر عما فعله بك الرب ومهما يكن السبب هل سيشفع لك ذلك التشكك او يقودك خارج تلك المصائب.وتلك التساؤلات ما مصيرها هل إذا فككت شيفرتها السماوية أو الدنيوية ستجد الابتسامة والحل لتلك العوائق الحياتية.الشكوى لن تصنع لك حائلا وألاجوبه لن تخلق لك حائطاً والكلمات أن تبني لك سداً بل أفعالك هي من تحكم مستقبل أيامك وأيامك لن تتشكل بواسطة بعض الكلمات بل بكيفية خوض المواقف.وفي مشهد الافتتاحية الرجل اليهودي الذي استقبل الشيطان، إن كان شيطانًا حقًا، هو كمثل لاري و كمثل الناس الذين يشغلون أنفسهم بالتساؤل والتشكك والشكوى دون أصدار أفعالعن كيف، بدلًا من حل المشكلة، أما زوجته فهي كمثل طبيب الأسنان، قتلت الرجل وتخلصت من المشكلة، بدلًا من أن تجلس وتفكر وتدع الفرصة للمشاكل بالتفشي!!.
https://www.youtube.com/watch?v=FzBTx0U19EQ
ولنرجع إلى الإطار الديني ونقول لما التشكك؟؟هل ترى الامور كما يراها الإله هل انت تستوعب الأمور بشكل كافي لتحدد حقيقة لا يعلمها أحد فكل ما لا تراه ليس معناه أنه غير موجود…ثم نأتي عن التفسيرات وهل كل شيء يجب أن يكون ذو منطق؟؟لا ولكننا دائماً ما نسعى للمنطق وعندما لا نجده نبدأ في الانهيار وأيضاً كما ذكر في الفيلم (الرب ليس مدين لنا بألاجابات).نحن من نسعى خلف ألاجابات وفي نهاية خطها الوعر تكون النتيجة سيئة وأوان الإصلاح قد فات.وفي مشهد رمزي من ابداع الكوين:يقف لاري وراء سبورة كبيرة طويلةً مليئة بالمعادلات الفيزيائية؛ ليخبر طلابه، وليجيب عن نفسه قائلًا: مبدأ الأحتماليه المتساوية والتشكيك (المقتبس من صندوق القطه السوداء) يثبت أنه ليس لمقدرتنا أو بأمكاننا حقًا أن نعلم ماذا يجري أو سيحدث.وهذا يدل على أن لا أحد يحمل لكل سؤال جواب!!.
من هذا ومن ذاك وكيف ومتى وأين ولماذا كل تلك الأحرف عديمة الفائدة التي يسعى الأنسان لأشباع رغبته بها لا تحمل في الواقع أي معنى غير أنها عناويين لأحداث سقطت في الماضي ونحن مسؤولين عن كيفية التصرف بها.هل يجب أن نحل كل معضلة تحوم حول رأسنا؟..إذا تركناها وأعطيناها الفرصة لتتبخر ستتبخر وتلك ألاجوبه لن نتذكر اننا كنا بحاجة لها من الأساس.
فيلم A serious man من أخراج العملاقين جول وإيثان كوين عرضا لنا أحد أفضل تحفهم بالعديد من الأسئلة التي تفتح فروعها للتفكير داخل عقولنا والسؤال والظن والشك والتأكيد.. لم يجيبا عليها بل تركتها معروضة مع باب بسيط ذو معنى كبير في النهاية ويقول لنا:لما لا تتجاهل تلك الأمور وتتعايش معها ببساطه فربما تشفع لك الحياة وتقابلك ببساطه.سواء كانت تلك اسئلةدينية،أخلاقيه،أجتماعية،عرقيه أو عائليه.فقط تعايش معها وإذا كانت تعيققك حلها ولكن لا تدعها تستحوذ عليك فبعض تلك الأسئلة ليس لها معنى مما سيقودك لشرك لا مفر منه بتاتا.
وكتلميح بسيط من الكوين في الفيلم…فعندما يذهب لاري ليقابل الحاخام الأصغر، يخبره بأن ما عليه إلا أن يغير وجهة نظره للأشياء فنحن قد فقدنا شغفنا في رؤية العالم وجعلناه مجرد من كل معاني الجمل فيه.وعند ذهابه إلى الحاخام الثاني الأكبر والاكثر حكمه يتلي عليه قصة عن أشارات من الرب ينتهي بها بخلاصة أن ليس عليه الاجابة على كل الأسئلة التي لا يعلم أجابتها..حتى وصل الحاخام الثالث والذي لطالما انتظره الفيلم ليجيب عن كل الأسئلة ويقابل ابن لاري وبكل بساطه يعطيه مشغل الموسيقى ويقول له بكل بساطه من ولدا صالحاً. فبالفعل الحاخام الثالث حمل الإجابة وهي البساطة بدون سؤال أو أجابة أو تعقيد فقط المغزى!!.
الفيلم الذي أعطانا الكثير من الاسقاطات مثل عام 67 وعلاقته باليهود..وأسلوب وطبيعة اليهود نفسهم في التفكير..والأغاني التي تصف حال الشخصيات وكيفية تفكيرهم.والاسقاطات للعنصريه النازية في أمريكا.والعديد من الرؤى النظريات الوجودية.كل تلك الEaster eggs التي ظلت مفتوحه للمتابعين دون إجابة وبشكل متعمد من الكوين لأيصال رسالتهم قادتنا في النهاية إلى تحفه ذو طابع فني راقي وزوايا تصوير ربما لم تكن الأبداعية بالمقارنة مع أعمال الكوين ولكنهت تظل جميله وجذابه وألاداء التمثيلي الخاص من البطل الذي ساعدنا في فهم الكثير من التركيبات التي يمثلها وتمثلنا في نفس الوقت.والسيناريو المنظم بأسلوب العرض الجذاب والمميز الملىء بالصدمات لم يحمل في طياته الشعور بالملل أو التكرار في الأحداث..وكل ذلك يقودنا إلى لوحة جميلة تستحق التأمل فيها أكثر من مره.
•ستيف جوبز•
{اجعل البساطة هي التي تحكم.}
بقلم : اسلام عطا الله