مراجعات

مراجعة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين – الكوميديا كما يجب أن تكون في السينما المصرية

فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

مراجعة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

لطالما أثبتت الأيام الماضية أن نجاح صناعة السينما الكوميدية في مصر يترتب في الأساس علي اعتماد كوميديا المواقف المنبثقة من فكرة العمل الأساسية، حيث إنه لم يعد هناك طاقةٍ إستيعابية عند المشاهد المصري من أجل تحمل لفة الإفيهات الرخيصة والمتكررة أيضاً بعديد الأفلام، وبطرقٍ مبالغ فيها تخلو تماماً من أية تجديدٍ وتنوع في الألفاظ المستخدمة.افضل 10 افلام مصرية كوميدية - Tops Arabia

ذلك الأمر بالطبع لم يكن وليد أية أراء شخصية قط ، بل أثبته الأرقام علي مستوي شباك التذاكر، وكذلك انطباعات الجمهور والنقاد الذين ناقشوا الأمر وطرحوه بمقالاتهم لعله يحدث أية تطورٍ مستمر واستغلال مثالي للأفكار الجيدة التي تقدمها أفلام الكوميديا بما يمتلكوه من نجومٍ كبار علي الساحة الفنية في مصر.أفلام مصرية كوميدية خلال 7 أعوام / أفلام مصرية كوميدي / الأفلام المصرية الكوميدية

ذلك التحسنٍ الكبير و الملحوظ في الآونة الأخيرة علي مستوي المحتوي الكوميدي السينمائي جاء نتيجة الوعي التام في إتباع السرد الكوميدي الذي يصيغ عدة مواقفٍ مضحكة هزلية وساخرة وبطريقةٍ صارخة كوميدياً في الحوار، وبتدرج تصاعدي علي مستوي الإيقاع الذي يضمن أن كل فترةٍ من فترات الفيلم تمضي دون أن لا ترسم البهجة علي الوجوه وتعلو علي سابقها.

من أحسن ذلك ونجح في إتقانه هو المؤلف الشاب “أيمن وتار” الذي ساق ذلك المنظور إلي أفضل شكلٍ ممكن في فيلم “نادي الرجال السري”، وها هو يكررها مرةً أخري في فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين بصحبة شركاء النجاح وأهم نجوم الفن المصري “كريم عبد العزيز” و”ماجد الكدواني”، فكانت النتيجة وللمرة الثانية علي التوالي جيدة للغاية ترسخ فعلياً علي نجاح تلك الهوية الكوميدية، وضماناً للمشاهدين والمتلقين بأن هناك بوارق أمل في إنتعاشةِ كبيرة للكوميديا في السينما المصرية تتواصل وتتواصل لفترات طويلة.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

                      مراجعة فيلم نادى الرجال السرى – وجبة كوميدية دسمة

قصة فيلم “البعض لا يذهب للمأذون مرتين”

قصة فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين تتمحور ببساطة حول مشاكل العلاقات الزوجية والصراعات الحادة والمشاكل التي تدور بين الرجل والمرأة، ولكن بطريقةٍ كوميدية كليتاً عدي بضعة لحظاتٍ درامية، ويجسد النجم “كريم عبد العزيز” دور إعلامي يعمل على كشف عديد الحقائق عن طريق التنكر في شخصياتٍ غريبة كي لا يتم إكتشاف هويته الحقيقية.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

ما فعله “أيمن وتار” في فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين هو إستحضار الفكرة المناسبة والتي كانت مستمدة من وحي الواقع الفعلي، وطرحها بأسلوب كوميدي صارخ موزع علي عديد المواقف المختلفة التي تتوالي أحداث الفيلم من خلالها بإيقاعٍ مناسب خالي من أية مطٍ وتطويل لا داعي له، وبتطورٍ ملحوظ في محتوي المواقف نفسها بما يضمن خلوهم التام من أية تكرارٍ يسهل علي المشاهد ملاحظته بوضوح.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

الأهم من ذلك أيضاً هو مقدرة “أيمن وتار” علي فرض حالة من التوازن بين الطرح المباشر لفكرة العمل وتوظيفها في هيئة إسكتشات مرتبة توضح مضمون الفيلم إلي جانب الشق الكوميدي الذي يعتبر أهم عناصر العمل الذي يجذب إهتمام الجمهور دوناً عن غيره، ولكن إستطاع “أيمن وتار” في أن يقدم وجبة سينمائية دسمة كوميدياً وقصصياً لا يقتصر نجاحها فقط علي أن الفيلم كوميدي فقط أو به قصة جديدة لم تقدم من قبل فقط، بل يأتي ذلك نتيجة تكامل تلك المصطلحات معاً دون تفوقٍ لأحد علي الأخر.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

يحسب كذلك ل”أيمن وتار”  تصحيحه للخطأ الذي قما به في فيلم “نادي الرجال السري” حينما ختمه بعجالةٍ وتسرع دون تبرير درامي كافي لما حصل في المشهد الأخير منه، هنا الأمر يختلفُ تماماً حيث ينهي الفيلم بطريقهً مثالية ترثي مفهوم الحبكة الأساسية بشكلٍ صريح وتلجأ في الوقت ذاته للكوميديا كسلاح جوهري في مواجهة أية نقدٍ من الممكن أن يوجه للفيلم علي المباشرة في رمي تفاصيل الفكرة دفعةٍ واحدة في تسلسله الأخير، ولهذا يمكن تخليص ما سبق أن بطل الفيلم أيضاً بجانب نجومه وأبطاله هو “أيمن وتار” ويستحق كل الإشادات عن جدارة وإستحقاق.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتينإخراجياً، لم يحتاج “أحمد الجندي” لمجهودات كبري سوي في ضمان السلاسة في التنقل بين المشاهد عن طريق المونتاج، وخروج الكوميديا في أفضل صورها من خلال إستغلال بعض تفاصيل السيناريو التي تحتاج إلي البروز بصرياً بطريقةٍ مثيرة للضحك، وكذلك العمل علي أن يخرج فريق التمثيل من أبطالٍ رئيسين وضيوف شرف أفضل ما عندهم وخصوصاً في الكوميديا.خاص الفن- مخرج البعض لا يذهب للمأذون مرتين يستعد لمسلسل جديد

وبما انه قد جاء ذكر التمثيل، فهذه هي الفرصة للتأكيد علي أن ثنائية “كريم عبدالعزيز” و”ماجد الكدواني” بات من المحبب رؤيتها في أي عملٍ سينمائيٍ كان أو تليفزيوني، تناغمٍ كبير يظهره هذان النجمان سوياً وقدرة مذهلة علي إفتعال الكوميديا بلهجاتهما الساخرة وإتقان الحوار بطريقةٍ فعالة تعرف الطريق إلي ضحكات المشاهدين،وكذلك تعزز مفهوم أن كل واحدٍ منهما يكمل الأخر لا يعلو أحدً علي الأخر في الأداء أوالظهور بشكلٍ ملفت علي الشاشة متفوقاً علي زميله الأخر.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

أيضاً تسجل “دينا الشربيني” هي الأخري حضورها بقوة في الفيلم وبحيويةٍ في التجسيد والحركة التي تجعلها متفوقة بكثير عن “غادة عادل” في فيلم “نادي الرجل السري”، وكذلك “بيومي فؤاد” الذي بات أحد أضلاع الكوميديا في مصر وجزءاً لا يتجزء منها ومن إصدراتها الكوميدية المتنوعة.فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

في الختام، فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين هو نموذج حي علي كيفية تكوين فيلم كوميدي هادف إن تم تطبيقه علي النحو الأمثل، فالنتيجة في آخر الأمر ستكون حتماً جيدة تخدم  صناعة السينما في مصر وترفع من شأنها، وكذلك تفتح المجال لعديد الإصدارات السينمائية وخصوصاُ الكوميدية التي تحمل في شقيها الجودة والإبداغ في آنٍ واحد.

اسامة سعيد
كاتب وناقد سينمائى بموقع بيهايند وطبيب بشرى، محب للفن بشكل عام والسينما بشكل خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *